قال تبارك وتعالى في كتابه الكريم "يا أيتّها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية". أكتب إليك يا أخي وصديقي ورفيق دربي بعضًا من الكلمات وعبارات التي قد تصف شيئًا من حزني وألمي، فأنا والله أشعر ببالغ الحزن والأسف والأسى لما قد بلغني من خبر وفاة فقيدكم تغمده الله عز وجل بواسع رحمته، وأنّي وفي هذا الموقف لتمنيت أن أكون بجانبك، ولكنك تعلم أنّ هناك ما يمنعني من ذلك، ومن أجل هذا أردت أن أشاطرك الحزن برسالتي هذه، التي أقول لك فيها، رحم الله فقيدكم، وأحسن لكم عزاءكم، وجبر لكم مصيبتكم، وخلفكم خير منها، وغفر الله لكم ولفقيدكم وجمعكم الله وإياه في مستقر رحمته، هناك حيث يلتقي الحنون مع الحنون، والحبيب مع الحبيب، والخليل مع الخليل، هناك حيث ترتاح النفوس، وتقر العيون، هناك حيث لا موت ولا تعب، لا جهد ولا نصب، هناك حيث جنان المولى ونعيمه ولذته.
وبهذا الموقف، أحببت أن أنوّه لك على أمر هامٍ جدًا ألا وهو الصبر والاحتساب، فمن مات قد مات، فليس بعد انقضاء الأجل حياة، ولكن بعد أن يقبض الإنسان، تسجل عند الله عز وجل ردود أفعال أحبابه، وأسرته، وإخوانه، وأباه، وأمه، وكلّ من هو قريب فكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث الذي يرويه عن ربه تبارك وتعالى: "يقول سبحانه وتعالى: إن صبرت واحتسبت عند الصدمة الأولى، لم أرض لك ثوابًا الّا الجنة"، وفي هذا الحديث القدسي يا أخي خير شاهد ودليل أن المؤمن عند الصدمة الأولى، كيف كانت ردة فعله هل كتب له أو عليه؟، وأيضًا نستنتج من هذا الحديث أنّ الله قد يضعنا في أقسى المحن، واحسن وأفضل وأعظم المنح، فالله عز وجل رحيم بعباده المؤمنين من المؤمنين بأنفسهم.
فالاحتساب يا أخي الحبيب له من الأجر الكبير والفضل الكثير، الذي قد يُعطى للإنسان إن هو قد صبر واحتسب.
ويجب على المسلم أن يذكر الله عز وجل في هذه المحن والمصائب، وخير قولٍ من الممكن أن تقوله هو: إنّا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرًا منها، لله ما أعطى وله ما أخذ" فالعطية التي يمنحنا الله عز وجل ايّاها هي له، يردّها إليه متى ما أراد ذلك، ولا يجب أو يجوز على أي منّا أن يعترض على قضاء الله تبارك وتعالى سواءً كان فيه نفعًا لنا أو ضرًا.
وأوصيك بضرورة الصبر فالصبر هو تحمل الشدائد والمشاق، والصبر أن الإنسان يمتنع الانسان في مروره بأقسى اللحظات والمصائب أن يتفوه بما لا يليق، أو يتكلم بما ليس من حقه، لذلك يا صاحبي خير وصية أوصيك بها في هذا الموقف الصعب أن تصبر وتحتسب أجرك على الله عز وجل. وأخيرًا أقول اصبر أخي لكل مصيبة وتجلد، واعلم بأنّ المرء أبدًا غير مخلد، رحم الله فقيدكم وأسكنه فسيح جناته.