مخطئ ذلك الشخص الذي يظن أنه بامتلاك صحة جسدية عالية فهو قد حقق شيئاً عظيماً، فهو بذلك قد ألغى جزءاً كبيراً من كينونته البشرية، فهو لا يعلم أن الإنسان هو مزيج من الجسد والنفس، وأن الجسد هو أداة بيد النفس، حيث تمثل النفس جزءاً كبيراً من الإنسان، والنفس هي الجزء الإنساني الذي يؤثر في حياة الشخص وفيمن يتعامل معهم من محيطه، لهذا جاءت الروحانيات لتهذيب النفس وتطويعها لخدمة البشرية، كما عمل العظماء على مر البشرية على التوضيح للناس أهمية وفائدة أن تهذب النفس لتكون أداة سعادة لا أداة عذاب، فأولئك الذين يمتلكون نفوساً قبيحة جلبوا الويلات على البشرية جراء قباحتهم وسيطرة نفوسهم الدنيئة عليهم.
ولما كانت النفس البشرية بهذه الأهمية، فإنها كانت محط أنظار بعض المهتمين الذين استطاعوا فهم وإدراك أسرارها، كما أنهم استطاعوا التنبؤ بتصرفاتها حتى يستطيعوا السيطرة عليها وتطويعها، فعلم النفس هو علم قائم بذاته يحاول التغلغل داخل النفس البشرية وفهم أسرارها وفك ألغازها وشيفراتها، في محاولة منه إلى الوصول إلى فهم لتصرفاتها وردات أفعالها والتنبؤ بما سيكون منها من تصرفات عند وقوعها في موقف معين. والنفس ليست واحدة في جميع البشر كما الجسد، فالطب والعلاج و دواء الجسدي يمتاز بانطباقه على جميع البشر لأن الجميع يمتلكون نفس الأجساد، فالقواعد عامة، أما في العلم النفسي فإن لكل إنسان شخصيته ونفسه التي يمتاز بها عن الآخرين، لذلك سيحتاج المعالج النفسي إلى دراسة كل شخصية على حدى وفهم تاريخها النفسي ومحاولة استيعاب ما مرت به من مواقف أثرت على أفكاره ومواقفه في محاولة إلى مساعدته على الانتهاء والتخلص من الأفكار السلبية التي سيطرت على عقله وإخراجه من البقعة السوداء التي دخل فيها نتيجة هذه المواقف.
تتنوع فروع علم النفس، فعلم النفس علم شامل واسع لا يمكن حصره في جزئية معينة، فمن فروع هذا العلم الهام علم النفس الاجتماعي والعام والعلاجي والإكلينيكي والبيولوجي والفسيولوجي ووالفلسفي والرياضي والاستدلالي والتجريبي والإداري والجنائي وطب النفس والهندسي والديني والبرمجة اللغوية العصبية والقانوني وسيكولوجية الحيوان وسيكولوجية الإدراك وسيكولوجية الدوافع وسيكولوجية الانفعالات وسيكولوجية الموضة وسيكولوجية الإدمان وغيرها العديد من الفروع الهامة.
لا يعنى علم النفس بدراسة نفسية الإنسان وسلوكه وطبائعه بل يتعدى ذلك إلى دراسة نفسية جميع الكائنات الحية وفهم تصرفاتها ضمن الأطر البيئية التي تحاول التكيف معها والعيش فيها، وضمن المحيط الذي تحتك به يومياً، كما أن هناك امتداد لعلم النفس وهو الطب النفسي والذي يحاول فيه الطبيب النفسي معالجة الأمراض العقلية التي تسيطر على البشر.