يطلق مصطلح الغدير على جدول المّاء الصّغير ، فالنّهر يتفرّع إلى جداول صغيرةٍ ، و هو من الأسماء التي يختارها بعض الوالدين لبناتهم ، و ما سنتكلّم عنه هنا هو منطقة غدير خمّ التي وقف النّبي عندها حين أنهى حجّته في مكّة فخطب خطبةً بليغةً أوصى فيها بسيّدنا علي ابن أبي طالب و عترته الطّاهرة فبيّن أنّه فرطٌ على الحوض و أنّ النّاس سوف ترده و إنّه تاركٌ فيهم أمرين لن يفترقا حتى يرد النّاس على الحوض و هما كتاب الله تعالى و أهل بيته الطّاهرين ، و مسك النّبي الكريم عليه الصّلاة و السّلام يد سيدنا علي بن أبي طالب و رفعها قائلاً من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهم وال من والاه و عاد من عاده و أحبّ من أحبّه و أبغض من أبغضه و اخذل من خذله و انصر من نصره ، فأقبل المسلمون إلى عليّ رضي الله عنه يهنئونه لنيله هذا الشّرف العظيم معبّرين عن ذلك بقولهم أصبحت يا علياً مولى كلّ مؤمنٍ و مؤمنةٍ و لا ريب أنّ فضل عليّ ابن أبي طالب لا يخفى إلّا على حاقدٍ جاهلٍ ، فهو أوّل من أسلم من الصّبيان ، و هو أسد الله الغالب الذي قاتل أعداء الله فأرداهم صرعى و ميادين النّزال تشهد على بطولاته ، و يوم خيبرٍ اصطفاه رسول الله عليه الصّلاة و السّلام من بين الرّجال جميعاً فأعطاه الرّاية فكان ممّن يحبه الله و رسوله و يحبّ الله و رسوله ، ففتح الله على يده حصن خيبر بعد أن رفع باب الحصن بيده و جهد بعدها عشرةٌ من الصّحابة على حمله فلم يستطيعوا ، فهو الإمام الخطيب البليغ و الأسد الهصور ، التّقي النّقي الزّاهد الورع .
و قد بالغ الشّيعة في مسألة خطبة غدير خمّ حتّى عدّوها وصيةً للنّبيّ صلّى الله عليه و سلّم في عليّ أن يكون خليفةً من بعده ، و احتجّوا بهذه الخطبة على ذلك ، بل قد عدّوا هذا اليوم عيداً يحتفلون فيه و يصومونه و اعتبروه من احسن وأفضل الأعياد عندهم ، و قد ضلّوا و أخطئوا في ذلك ، فهذا الحديث لا ينصّ على تولّي سيّدنا عليّ بن أبي طالب الخلافة إنّما يدلّ على فضله و كرامته عند الله ، و قد حذّر سيّدنا عليّ بن أبي طالب من أنّه يهلك فيه محبٌ غالٍ و كارهٌ قالٍ .