لا شكّ أنّ كلّ واحد منّا يتعرّض لمواقف في حياته اليوميّة تقتضي منه أن يتصرّف بطريقة لا يُريدها، فتجده يحاول جاهداً أن يمتلك زمام نفسه ، وأن لا يخرج منه كلام غير مرغوب أو إساءة ، كما في المقابل تجتاحه بعض المشاعر الجيّاشة التي لو باح بها لتسبّب ببعض المشاكل وعيوب أو أنّ الموقف الذي هوَ فيه لا يسمح له بالحديث في مشاعره أو أحاسيسه.
لذا فمن الحكمة أن يحاول الشخص أن يضبط مشاعره وأحاسيسه قدر الإمكان ، وهذه تحتاج إلى قوّة للتحكّم بالانفعالات ، وضبط للنفس والأهواء.
لا أفترض الملائكية لدى الأشخاص الذين يتعرضون لمواقف تقتضي منهم ضبط الأعصاب ، كما لا أقول بأن من الطبيعيّ أن يكون تصرّفهم وفق ما يحسّون به ، بل يكون أمرهم ضمن الحكمة والشرع.
هنالك العديد من المشاعر التي تجتاح كيان الإنسان وتسيطر عليه ، وكثير من هذه المشاعر هي من الأمور السلبيّة ، كالشعور بالضيق أو الغضب أو الاكتئاب والحزن والهمّ ، والشعور بالظلم والشعور بالحيرة والسلبيّة تجاه النفس وتجاه الآخرين ، فكلّ هذه المشاعر تقتضي من صاحبها حسن التصرّف ، وأن يتذكّر أن كلّ عاصفة لهذه المشاعر هي للحظات محدودة ولا تلبث أن تنقضي ، ويبقى الأثر السلبي لإنفاذ الغضب أو الضيق أو غيره .
كما أن الذي يُعين الشخص على التحكّم وضبط المشاعر أن يتذكّر العواقب وما يترتّب على ذلك من مصيره في العمل مثلا، أو بين زملائه أو بين أقربائه أو بين من بدّر أمامهم منه هذا الموقف أو ذاك.
وأمّا مشاعر الحبّ وغيرها فهي مشاعر ينبغي أن تكون في الاتجاه السليم ، فإذا كانت لمن يستحقّها كالأب والأمّ أو الأهل أو الزوجة ، فعندها لا نقول إنّ عليك أن تتحكّم بها وأن تخبئها ، بل عليك أن تُغدق عليهم مشاعرك وأن تريهم عطفك واهتمامك ، ولكن إن كانت لمن لا يستحقّ ذلك ولا يشرع لك أن تحبّهم ، فعليك أن تحاول الابتعاد عن المكان الذي من الممكن أن تراهم فيه وأن تضبط نفسك على عدم النظر إليهم مخافة أن تزيد لديك هذه المشاعر والتي لن تؤدّي بك إلى أمر ترغبه لأنّه ليس لك ، وما ليس لكَ فلا رغبةَ لكَ به ولا سبيل ، بل الابتعاد عنه والانشغال عنه بما ينفع هو خير وأحسن وأنفع لك ، فربّما زاد بك الأسى والهمّ والضيق بسبب نظرةٍ عابرة ، وكلّ هذا من عواقب الإمعان فيما ليس لك به طائل.