يعتبر الغضب محرّكاً لنفوس البشر لارتكاب الكثير من الذّنوب و المعاصي ، فالغضب هو تعبيرٌ سلبيّ عن المشاعر الإنسانيّة بصورةٍ انفعاليّةٍ قد تأخذ شكل الصّراخ أو التّجهم الشّديد و قد يتطور الحال في بعض الأحيان إلى التّصارع باليد ، و لا شكّ بأنّ الغضب هو من آفات النّفس و عيوبها ، فهو قد يحمل صاحبه إلى ارتكاب ما يغضب الله تعالى ، ذلك بأنّ العقل الذي هو زينةٌ للإنسان يعتبر ضابطاً لسلوك الإنسان موجّهاً لها ، لذلك يكثر الغضب عند الجهلاء الذي يفتقدون للعقل و الحكمة في التّعامل مع النّاس ، و قد أوصى النّبي صلّى الله عليه و سلّم رجلاً طلب النّصيحة بقوله ، لا تغضب و قد ردّدها رسول الله عليه الصّلاة و السّلام مراراً ، فعلم من هذا أنّ ضبط مشاعر الإنسان و البعد عن الغضب هو من صفات المتّقين المؤمنين الذين يرجون رضا الله تعالى و جنّته .
و يشكو عددٌ من النّاس من الغضب في سلوكه اليومي ، و الحقيقة أنّ للغضب أسبابٌ يجب أن نتعرف عليها قبل أن نضع الحلول المناسبة لها ، فقد يكون الغضب بسبب معاناة الإنسان من مرضٍ نفسي سبّبته له مشاكل وعيوب الحياة و أذى النّاس ، و قد يكون الغضب بسبب الموروثات الإجتماعيّة الخاطئة التي تعتبر الغضب من صفات الرّجولة و الشّدّة ، و قد يكون سبب الغضب ما يشعر أغلب النّاس به من مشاعر حين يتعرّضون لموقفٍ صعبٍ يستثير مشاعرهم و يوقدها كمن سبّه إنسانٌ أو شتمه .
و إنّ الحلول لمشكلة الغضب تتنوّع ، فمن كان الغضب عنده بسبب مرضٍ نفسي فالحلّ هنا يكون بالعلاج و دواء النّفسي عند الأطباء المختصّين ، و أمّا إذا كان الغضب بسبب موروثاتٍ اجتماعيّةٍ خاطئةٍ فالحلّ و العلاج و دواء يكون بتغيير مفاهيم النّاس ، فالغضب لم يكن يوماً صفةً محبّبةً أو تدلّ على القوّة ، فالشّديد كما بيّن النّبي عليه الصّلاة و السّلام ليس الذي يصارع النّاس ، إنّما الذي يملك نفسه عند الغضب ، و أخيراً إذا كان الغضب ممّا يصيب الكثيرين من النّاس في أحيانٍ معيّنةٍ فالحلّ يكون بالهدي النّبوي حيث يستعيذ الإنسان من الشّيطان الرجيم و يتوضّأ ذلك بأن الغضب من الشّيطان و الشّيطان خلق من نار ، و إذا كان واقفاً جلس ، و إذا كان جالساً اضطجع حتى يذهب ما به من الغضب ، جعلنا الله جميعاً ممّن يتحلّون بصفات الحلم و الأناة .