جاء الدين الإسلامي بمجموعة من التعاليم والتشريعات التي تدعم الخلق الإنساني الرفيع والعظيم، وذلك الخلق يتضمن في طياته العديد من المعايير التي لا يجوز لأي أحد اختراقها، فمنها في ديننا أن الله أعطى الناس الحرية في اختيار دياناتهم ومنع البشر من أن يسلبوا الناس إراداتهم واختيارهم في اختيار كل ما يريدون ولكنه فرض على الناس أربعة محاذير اجتماعية لا يجب عليهم اختراقها وهي الاعتداء على النفس والجسد، والإعتداء على أعراض الناس، والإعتداء على أموال الناس، وقطع طريق الناس، وما عدا ذلك فالناس في حرية كاملة في ما تبقى.
كمثل سائق السيارة على الطريق السريع حيث لا نحب نحن البشر بفطرتنا وجود تحذيرات كثيرة عليها فالإسلام طريق سريع وهناك فقط أربعة محاذير عليه علينا اجتنابها حتى لا يقوم المجتمع بأخذ حقه بكل حزم من المخالف، ولكن الإسلام وضع خيارات للبشر في أن يحسنوا الخلق مع الجميع في تفاصيل خلقية رفيعة وجميلة لا يسع المقال لذكرها جميعا، ولكن نذكر على وجه منها وهو حسن الجوار مع الجار، وذلك مبدأ يعد من المبادئ الرفيعة في ديننا الإسلامي العظيم والعمل عليه مهم جدا لكي يرضى الله عن المسلم ويدخله الجنة بعمله ذلك، ولكنه في نفس الوقت لا يجبر أحداً بأن يحسن إلى جيرانه، فهو يضع هذا الأمر في مبدأ الإختيار العام، بحيث أنه إذا أراد الفلاح اختار خيار الإحسان وإن أراد الخسران اختار خيار افساءة .
ومن أمثلة الإحسان إلى الجار، تقديم العون له في الشدة، وتقديم المساعدة له دوماً، وحسن التسليم عليه، وكف البصر عن محارمه، ومواساته في أحزانه ومشاركته في أفراحه، ومن أوجه الاساءة أيضا الشتم واللمز والنبز وافشاء أسرار جيرانه والسهر لوقت متأخر بجواره برفع صوت التلفاز أو جمع عدد من رفقاء السوق بجوار بيت جاره أو رمي النفايات أمامه باب بيت جاره وما خلافه من هذه التجاوزات التي لا تجوز بأي حال من الأحوال في عرف المجتمع والناس ، وهذه الأمور تعطى حقها من الإهتمام والرعاية من صاحب الضرر بالتقدم إلى جهات الدولة القانونية واثبات الضرر الواقع عليه جراء مثل هذه الأفعال، وأيضاً الشكوى العرفية لبعض أهل الخير ليكفوا ذلك الأذى من الجار.
ولكنه في كل الأحوال لا يجوز تجاوز الحد لفعتداء على جسده أو ماله أو عرضه بسبب أفعاله السيئة لأن أفعاله لا ترقى لمثل ردة الفعل عليها، فالفعل الذي قام به إساءة، أما رد الفعل فسيكون حراما وارتكابا لمحاذير الله، وبالطبع لا نغفل إن قام الجار بالاعتداء الجسدي أو المالي أو على العرض فهنا يتدخل الجهة القانونية وتتخذ به العقاب الشرعي القانوني في ذلك وبشدة بحماية المجتمع، ولكن دائما يفضل الإحسان إلى المسيء حتى لو بالغ في إساءته وإن كان باليد حيلة فالإبتعاد عنه وعن المكان الذي يتواجد به قدر الإمكان.