يقع أخدود ماريانا أو خندق ماريانا في الجهة الغربيّة من المحيط الهادي، وإلى الناحيّة الشرقيّة من جزر ماريانا الشماليّة، ويُعتبر أخدود ماريانا أعمق نُقطة على سطح الكرة الأرضيّة على الإطلاق، كما ويتّخذ هذا الأخدود الشكل المستطيل، ويبلغ طول هذا الأخدود ما يُقارب حوالي 2550 كيلومتر بينما يصل عرضه إلى حوالي 69 كيلومتر، وتبلغ المسافة بين سطح البحر وأعمق وأبعد نقطة في هذا الأخدود ما يُقارب حوالي أكثر من 11 كيلومتر، وبإجراء بعض الحسابات فإنّ هذه المسافة أطول من قمة جبل إفرست أعلى جبل في العالم والذي يصل طوله إلى حوالي 9 كيلومتر. كان يُعتقد بعدم وجود أي شكل من أشكال الحياة هلى الإطلاق على هذا العمق إلا أنّهُ تَمّ اكتشاف وجود كائنات حيّة دقيقة تتغذى على الطحالب والجيف التي تسقط إلى أسفل، وهذا بحد ذاته اكتشاف عظيم من قِبل العلماء.
أمّا عن تسميّة هذا الأخدود فقد تمّت تسميته من قِبل إسبانيا حيث إنّ جزيرة ماريانا كانت مستعمرة إسبانيا كنوع من التكريم لملكة النمسا وأرملة ملك إسبانيا فيليب الرابع وكان اسمها ماريانا. لا تُعتبر أعمق نقطة من هذا الأخدود أقرب النقاط إلى مركز الأرض بغض النظر عن كونها أعمق نقطة في العالم كله، وذلك بسبب كون أنّ الأرض لا تُعتبر كرويّة الشكل تماماً، وأقرب نقطة لمركز الأرض موجودة في قاع المحيط المتجمد الشماليّ.
عند إجراء دراسة على أنواع الحياة الموجودة في أخدود ماريانا، استطاع العلماء أن يعثروا على ما يدل على وجود الحياة في هذه الأعماق، فقد عثروا على مجموعة من صفائح مُكوّنة من كربونات الكالسيوم وهي ماتعرف باسم مركبات لكالكاريوس، وهي تخص نوع من الطحالب الصغيرة المعروفة بالكوكّولِثوفورات، وكما تَمّ العثور على بقايا من العوالق وهذا النوع من المخلوقات الدقيقة تعيش في مواد من المعادن كمعدن الكوارتز وكذلك من السيلكا.
وقد فسّر العلماء وجود هذه المخلوقات هنا بواسطة ثلج بحريّ غرق وانجرف في المحيط، وقد استطاعت هذه المخلوقات أن تعيش في الأجواء الصعبة التي تتواجد في هكذا عمق من مستويات عاليّة من الضغط إضافة إلى كون المياه على هذا العمق تكون باردة جداً ولا تستطيع أشعة الشمس أن تصل إليها، وساعدها وجود جيف الأسماك والنباتات على أن تحصل على ما يكفيها من الغذاء، وتساعد هذه المخلوقات في إبطاء التغيّرات المناخيّة على سطح هذا الكوكب، حيث تُساعد في عملية طمر غاز ثاني أكسيد الكربون فهي تحتاجه لكي تنمو، وبذلك فهي تقلّل من مستويات هذا الغاز الذي يسبّب الضّرر للبيئة والذي يتزايد باستمرار.