كيف تطور من نفسك
إن كنت كاملاً ، - والكمال وحده لله - ، لصار بإمكانك الثبات على ما أنت عليه ، فما بعد الكمال إلا الكمال نفسه ، ولكن كونك إنسان تفتقر إلى الكمال فصار لزاماً عليك أن تسعى لكي تتطور إلى الاحسن وأفضل والأحسن دوماً ، فجسدك ومظهرك وهيئتك يحتاجون إلى تطويرٍ متواصل ، وكذلك عقلك وفكرك ووعيك وذهنك بحاجةٍ أمس إلى هذا التطور أيضاً .
أخرج من شرنقة الذات ، فالعالم ليس فقط ما تراه في داخل قوقعتك ، والأفق أوسع بكثيرٍ من أرنبة أنفك ، لكي تتطور عليك أن تتعلم الحبو أولاً ، ثباتك في مكانك وعلى ما أنت عليه من الجمود وإنعدام الحركة لن يعلمك شيئاً ، ولن يطور فيك قيد نملة ، بادر أولاً بالحبو نحو الأمام ، فسرعان ما ستقف على قدميك وتمشي ثم تركض ومن بعدها ستحلق في فضاءات التطور ، أما إذا أمعنت في جمودك وثباتك ، فلن تر أكثر من إنعكاسات ذاتك .
مشيتك تشبه مشية البطريق ؟ حاول أن تغيرها قدر الإمكان بالتمرين ، إن كنت مصاباً بمرضٍ لا يمكنك من الحركة فحاول أن تعوض هذا النقص في حركة الجسد بحركة الوميض في عينيك .
رائحتك منفّرة ؟ تطيّب إذن ، عوّد نفسك على الإستحمام بإنتظام ، عوّد نفسك على الإبتسام لكي تصبح أوسم ، طوّر جسدك بكل ما لديك من إمكانيات ، أما إذا استحال عليك تطوير عاهات الجسد وسلبياته لأمرٍ فوق طاقتك ، فوجّه كل طاقاتك لتطوير جمال الروح لديك .
ثقافتك ضحلةً وبائسةً ومضحكة ؟ معرفتك ساذجةً ومحدودة ؟ طورهما بالقراءة ، قراءة كل شيء ، لا تتوقف عند كاتبٍ واحدٍ أو فكرٍ واحدٍ أو أسلوبٍ واحدٍ أو طرحٍ واحدٍ أو موضوعٍ واحدٍ، لا تحصر نفسك بعقد قرانٍ أبدي مع ما تعودت عليه ، إكتشف ما لم تتعود عليه وما لم تعرفه بعد ، فوق كل ذي علمٍ عليم ، وبحر المعرفة لا ينتهي ، ولكن مساحة الجهل بإستطاعتك العمل على حصرها وإنحسارها ، لا تحكم على الأشياء من زاويةٍ واحدة ، ومن الحكمة أن تهرب من الحكم على الأشياء إلى محاولة فهمها من جميع زواياها أولاً ، إن تطوّرك المعرفي يبدأ عند إيمانك بالقول الحكيم : " أنا لا أعرف شيئا بعد " .
أنت روح وعقل وقلب وجسد ، طوّر كل أجزاء أناك بالخروج من شرنقة الذات أولاً وقبل أي شيء .