جاءت الزّكاة في اللغة بمعانٍ عدّة، ومنها: النّماء، والرّيع، والبركة، والصّلاح، وزكاة المال: أي تطهيره، كما يطلق لفظ الزّكاة في الاصطلاح على أداء حقّ يجب في أموال مخصوصة، على وجه مخصوص، ويعتبر في وجوبه الحول والنّصاب، وكما تطلق الزّكاة على المال المخرج نفسه. (1)
وإنّ الزّكاة هي الرّكن الثّالث من أركان الإسلام، وتوصف بأنّها عبادة ماليّة، وهي فرض عين على كلّ مسلم، حيث قال الله تعالى:" وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ "، البقرة/43، وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدًا رسول الله، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، والحجّ، وصوم رمضان "، متفق عليه.
وتعمل الزّكاة على تطهير نفوس كلّ من الأغنياء والفقراء، فتطهّر نفوس الأغنياء من الجشع والأنانيّة، وتطهّر نفوس الفقراء من الحقد، والكراهية، والعداوة تجاه الأغنياء، فتكون الزّكاة سبباً في إشاعة المحبّة والألفة بين أفراد المجتمع الإسلامي.
تعرف ما هو النصاب في الزكاة
إنّ النّصاب في الزّكاة هو مقدار المال الذي لا تجب الزّكاة في ما كان أقلّ منه، وهو مختلف باختلاف أجناس الأموال التي تجب فيها الزّكاة، فنصاب الإبل خَمْسٌ منها، ونصاب البقر ثلاثون، ونصاب الغنم أربعون، ونصاب الذّهب عشرون مثقالاً، ونصاب الفضة مائتا درهم، ونصاب الزّروع والثّمار خمسة أوسق.
وأمّا نصاب عروض التجارة فهو مقدّر حسب نصاب الذّهب أو الفضّة، وهناك اختلافات بين العلماء في ما تقدّم الحديث عنه، وسيذكر في هذا المقال على وجه التفصيل. وأمّا الحكمة من اشتراط وجود النّصاب في الزّكاة، فهي أنّ الزّكاة قد وجبت للمواساة، ومن كان فقيراً فإنّه لا تجب عليه المواساة، بل أنّها واجبة على الأغنياء حتى يعينوه، والزّكاة تؤخذ من الأغنياء وتعطى للفقراء، وقد جعل الشّارع النّصاب هو أدنى حدّ للغنى، لأن الغالب أنّ من ملك النّصاب فهو غنيّ إلى حين تمام سنته. (1)
زكاة الحيوان
لقد أجمع الفقهاء على أنّ الإبل، والغنم، والبقر، كلها من الحيوانات التي تكون الزّكاة واجبةً فيها، وقد اختلفوا في حُكم الخيل، وأمّا الحمير والبغال فإنّه لا زكاة عليها إذا لم تكن بغرض التجارة. ومن شروط وجوب الزّكاة في الحيوانات أن يمرّ عليه الحول، وأن تكون قد وصلت إلى النّصاب الشّرعي المحدّد في الشّرع فأكثر، وأن تكون من الأنعام السّائمة، أي الأنعام التي ترعى في البرّ، فإنّها إن كانت من الأنعام المعلوفة فإنّه لا تجب فيها الزّكاة، وذلك حسب كلّ من المذهب الحنفيّ، والشافعيّ، والحنبليّ، وأمّا المالكيّة فيرون أنّ الزّكاة واجبة في الأنعام، سواءً أكانت أنعاماً سائمةً أم لا، وذلك حتّى إن كانت معلوفةً على الحول، ومن هذه الشّروط أيضاً أن لا تكون الأنعام معدّةً بغرض العمل، وهذا مذهب كلّ من الحنفيّة، والحنابلة، وهو قول الشّافعية في الأصحّ، وقد ذهب المالكيّة إلى أنّ عمل الأنعام لا يمنع وجوب الزّكاة فيها، وهو قول آخر للشافعيّة كذلك.
وقد ورد عن النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - حديث مفصّل، يبيّن فيه بالتفصيل تعرف ما هو مقدار الزّكاة الواجبة في كلّ صنف، فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ:" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا، وَمَنْ سُئِل فَوْقَهَا فَلاَ يُعْطِ: فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإِْبِل فَمَا دُونَهَا مِنَ الْغَنَمِ مِنْ كُل خَمْسٍ شَاةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلاَثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ أُنْثَى، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلاَثِينَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ أُنْثَى، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ إِلَى سِتِّينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْجَمَل، فَإِذَا بَلَغَتْ وَاحِدَةً وَسِتِّينَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ - يَعْنِي سِتًّا وَسَبْعِينَ - إِلَى تِسْعِينَ فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْجَمَل. فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُل أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُل خَمْسِينَ حِقَّةٌ. وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلاَّ أَرْبَعٌ مِنَ الإِْبِل فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا مِنَ الإِْبِل فَفِيهَا شَاةٌ. وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ. فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَى مِائَتَيْنِ شَاتَانِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ إِلَى ثَلاَثِمِائَةٍ فَفِيهَا ثَلاَثٌ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلاَثِمِائَةٍ فَفِي كُل مِائَةٍ شَاةٌ، فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُل نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا. وَفِي الرِّقَّةِ رُبُعُ الْعُشْرِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ إِلاَّ تِسْعِينَ وَمِائَةً فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ إلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا "، رواه البخاري.
وأمّا زكاة الأنعام فإنّها تفصّل على الوجه التالي:
- زكاة الإبل: أنّ زكاة الإبل تؤخذ على الوجه التالي:
- إذا كان عدد الإبل من 1 - إِلَى 4 فإنّه لا تجب الزّكاة فيها.
- إذا كان عدد الإبل من 5 - 9 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها شاة واحدة.
- إذا كان عدد الإبل من 10 - 14 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها شاتان.
- إذا كان عدد الإبل من 15 - 19 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 3 شياه.
- إذا كان عدد الإبل من 20 - 24 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 4 شياه.
- إذا كان عدد الإبل من 25 - 35 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها بنت مخاض، فإن لم يوجد فيجزئ ابن لبون ذكر.
- إذا كان عدد الإبل من 36 - 45 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها بنت لبون.
- إذا كان عدد الإبل من 46 - 60 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها حِقّة.
- إذا كان عدد الإبل من 61 - 75 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها جَذَعَةٌ.
- إذا كان عدد الإبل من 76 - 90 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها بِنْتَا لَبُونٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 91 - 120 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها حِقَّتَانِ.
- إذا كان عدد الإبل من 121 - 129 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 3 بَنَاتِ لَبُونٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 130 - 139 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها حِقَّةٌ وَبِنْتَا لَبُونٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 140 - 149 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها حقَّتَانِ وَبِنْتُ لَبُونٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 150 - 159 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 3 حِقَاقٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 160 - 169 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 4 بَنَاتِ لَبُونٍ.
- وهكذا في كلّ ما زاد، في كلّ 40 بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كلّ 50 حِقَّةٌ.
وهذا هو التّقسيم الذي يجري حسب المذهب الشّافعي، وهو رواية في مذهب الحنابلة كذلك، وأوّله إلى 120 فهو مجمع عليه، وذلك لحديث أنس وعدم الاختلاف في تفسيره، وقد كان اختلاف العلماء في ما بين 121-129، فهنا قال الإمام مالك:" يَتَخَيَّرُ السَّاعِي بَيْنَ حِقَّتَيْنِ وَثَلاَثِ بَنَاتِ لَبُونٍ "، أمّا أبو عبيد وهو الرّواية الأخرى عن أحمد فقد ذهب إلى أنّ فيها حِقَّتَيْنِ، وذلك لأنّ الفرض لا يتغيّر إلا بمئة وثلاثين.
وأمّا في المذهب الحنفيّ فإنّها تقسم على الوجه التالي:
- إذا كان عدد الإبل من 121 - 124 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها حِقَّتَانِ.
- إذا كان عدد الإبل من 125 - 129 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها حِقَّتَانِ وَشَاةٌ.
- إذا كان عدد الإبل من 130 - 134 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها حِقَّتَانِ وَشَاتَانِ.
- إذا كان عدد الإبل من 135 - 139 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها حِقَّتَانِ وَ 3 شِيَاهٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 140 - 144 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها حِقَّتَانِ وَ 4 شِيَاهٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 145 - 149 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها حِقَّتَانِ وَبِنْتُ مَخَاضٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 150 - 154 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 3 حِقَاقٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 155 - 159 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 3 حِقَاقٍ وَشَاةٌ.
- إذا كان عدد الإبل من 160 - 164 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 3 حِقَاقٍ وَشَاتَانِ.
- إذا كان عدد الإبل من 165 - 169 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 3 حِقَاقٍ وَ 3 شِيَاهٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 170 - 174 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 3 حِقَاقٍ وَ 4 شِيَاهٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 175 - 185 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 3 حِقَاقٍ وَبِنْتُ مَخَاضٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 186 - 195 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 3 حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 196 - 199 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 4 حِقَاقٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 200 - 204 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 4 حِقَاقٍ أَوْ 5 بَنَاتِ لَبُونٍ.
- إذا كان عدد الإبل من 205 - 209 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 4 حِقَاقٍ أَوْ بَنَاتِ لَبُونٍ وَشَاةٌ.
- زكاة البقر: تؤخذ زكاة البقر على النّحو التالي بناءً على حديث الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - المذكور سابقاً:
- إذا كان عدد البقر من 1 - 29 فإنّه لا زكاة فيها.
- إذا كان عدد البقر من 30 - 39 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ.
- إذا كان عدد البقر من 40 - 59 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها مُسِنَّةٌ.
- إذا كان عدد البقر من 60 - 69 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها تَبِيعَانِ.
- إذا كان عدد البقر من 70 - 79 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها تَبِيعٌ وَمُسِنَّةٌ.
- إذا كان عدد البقر من 80 - 89 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها تَبِيعَانِ.
- إذا كان عدد البقر من 90 - 99 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 3 أَتْبِعَةٍ.
- إذا كان عدد البقر من 100 - 109 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها تَبِيعَانِ وَمُسِنَّةٌ.
- إذا كان عدد البقر من 110 - 119 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها تَبِيعٌ وَمُسِنَّتَانِ.
- إذا كان عدد البقر من 120 - 129 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 4 أَتْبِعَةٍ أَوْ 3 مُسِنَّاتٍ.
وهكذا أيضاً في كلّ أربعين مسنّة، وفي كلّ ثلاثين تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ، وعلى هذا تجري مذاهب جماهير العلماء.
- زكاة الغنم: تؤخذ زكاة الغنم بناءً على ما يلي:
- إذا كان عدد الغنم من 1 - 39 فإنّه لا زكاة فيها.
- إذا كان عدد الغنم من 40 - 120 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها شَاةٌ.
- إذا كان عدد الغنم من 121 - 200 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها شَاتَانِ.
- إذا كان عدد الغنم من 201 - 399 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 3 شِيَاهٍ.
- إذا كان عدد الغنم من 400 - 499 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 4 شِيَاهٍ.
- إذا كان عدد الغنم من 500 - 599 فإنّ مقدار الزّكاة الواجبة فيها 5 شِيَاهٍ.
وهكذا فإنّ كل ما زاد عن هذا فإنّ في كلّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ، وذلك مهما كان مقدار الزّائد، وعلى هذا تجري مذاهب جمهور الفقهاء.
زكاة الأموال
إنّ الأموال هي ما صنع من النّقود من معدن غير الذّهب والفضّة، وقد ذهب الحنفيّة إلى أنّ الأموال إن كانت أثماناً رائجةً، أو سلعاً للتجارة، فإنّه تجب الزّكاة في قيمتها، وأمّا عند المالكيّة فإنّ حكم الأموال نفس حكم العروض، نقل البناني عن المدوّنة:" مَنْ حَال الْحَوْل عَلَى فُلُوسٍ عِنْدَهُ قِيمَتُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ فَلاَ زَكَاةَ فِيهَا إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مُدِيرًا فَيُقَوِّمَهَا كَالْعُرُوضِ ". وقالوا:" وَيُجْزِئُ إِخْرَاجُ زَكَاتِهَا مِنْهَا (أَيْ فُلُوسًا) عَلَى الْمَشْهُورِ، وَفِي قَوْلٍ: لاَ يَجُوزُ؛ لأَِنَّهَا مِنَ الْعُرُوضِ، وَالْعُرُوضُ يَجِبُ إِخْرَاجُ زَكَاتِهَا بِالْقِيمَةِ دَنَانِيرَ مِنَ الذَّهَبِ، أَوْ دَرَاهِمَ مِنَ الْفِضَّةِ ". وأمّا عند الحنابلة فإنّ الأموال إن كانت للنفقة فإنّه لا زكاة فيها، وإن كانت للتجارة فإنّها تزكّى زكاة القيمة، مثل عروض التّجارة. (1)
ونصاب الزّكاة بالعملات النّقدية حسب المفتى به في المجامع الفقهيّة، وفتاوى العلماء المعاصرين، هو تقدير قيمة نصاب العملة بالذّهب والفضّة، فقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء ما نصّه:" مقدار نصاب الزّكاة في الدولار وغيره من العملات الورقيّة هو ما يعادل قيمته عشرين مثقالاً من الذّهب، أو مائة وأربعين مثقالاً من الفضّة، ويكون ذلك بالأحظّ للفقراء من أحد النّصابين، وذلك نظراً إلى اختلاف سعرها باختلاف الأوقات والبلاد ". (4)
زكاة الذهب والفضة
إنّ زكاة الذّهب والفضّة واجبة، وذلك بإجماع الفقهاء، قال الله تعالى:" وَاَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيل اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَِنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ "، التوبة/34-35.
ويجب أن تتمّ الذّهب والفضّة الشّروط مثل وصولها إلى الحول، والنّصاب، وغيرها، حتى تجب فيها الزّكاة، ويستثنى من ذلك الحلي من ذهب أو فضّة التي يستعملها مالكها استعمالاً مباحاً في التحلي، وقال المالكيّة:" وَلَوْ لإِِعَارَةٍ أَوْ إِجَارَةٍ، فَلاَ يَكُونُ فِيهِ زَكَاةٌ "، وذلك عند الجمهور، وأمّا الحنفيّة فقد ذهبوا إلى وجوب الزّكاة في الحلي، مثل غيرها من أنواع الذّهب والفضة.
أمّا نصاب الذّهب فإنّه عند جمهور الفقهاء عشرون مثقالاً، فلا تجب الزّكاة فيما كان أقلّ من ذلك، إلا إن كان لمالكها فضّة أو عروض تجارة فيكتمل بها النّصاب. وفيما روي عن عطاء، وطاووس، والزّهري، وسليمان بن حرب، وأيوب السّختياني، أنّ نصاب الذّهب معتبر بالفضّة. (1) ونصاب الذّهب في الوقت الحالي يقدّر بخمسة وثمانين غراماً تقريباً، وفيه ربع العشر، وطريقة حساب النّصاب في ذلك أن يعرف كم مقدار الذّهب أولاً، ثمّ يضرب مقدار الذّهب في سعر الجرام، وأمّا نصاب الفضّة فهو خمسمائة وخمسة وتسعين جراماً من الفضّة قياساً بالوزن الحالي، وفيه ربع العشر. (2) (3)
أهل الزكاة
يعدّ أهل الزّكاة الجهات التي يصحّ صرف الزّكاة فيها، وقد بيّن الله سبحانه وتعالى ذلك بقوله:" إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ "، التوبة/60. وأهل الزّكاة على ثمانية أصناف، هي: (4)
- الفقراء: والفقير هو من لم يجد كفايته إلا الشيء القليل والذي يكون دون النّصف، فإن كان لا يجد ما ينفق على نفسه وعلى عائلته نص سنة فيعتبر فقيراً، وهو يعطى ما يكفيه وعائلته مدّة سنة.
- المساكين: والمسكين هو من وجد من كفايته مقدرا النّصف فأكثر، ولكنّه لا يجد ما يكفيه خلال سنة كاملة، وبالتالي يكمل له نفقة سنة، وفي حال لم يكن لدى الرّجل نقود، ولك كان بيده حرفة أو صنعة ما تقوم بكفايته، فإنّه لا يمنح من مال الزّكاة في هذه الحال، وذلك لقول النّبي صلّى الله عليه وسلّم:" لا حظَّ فيها لغني ولا لقوي مكتسب "، رواه الألباني.
- العاملون عليها: إنّ العاملين على الزّكاة هم توكلهم الدّولة بمهمة جباية الزّكاة من أهلها، ثمّ صرفها إلى مستحقّيها، والحفاظ عليها، وبالتالي فهم يعطون منها بقدر عملهم، حتّى وإن كانوا أغنياءً.
- المؤلفة قلوبهم: وهؤلاء هم رؤساء العشائر، والذين ليس في إيمانهم قوّة، حيث أنّهم يعطون من أموال الزّكاة ليزداد إيمانهم، ليكونوا قدوةً صالحةً لمن حولهم.
- الرِّقاب: ويدخل في هذا الباب شراء الرّقيق من أموال الزّكاة، وإعتاقهم، وإعانة المكاتبين، وفكّ أسرى المسلمين.
- الغارمون: وهؤلاء هم المدينون، في حال لم يكن لديهم ما يمكن أن يوفوا به ديونهم، فهم يعطون من مال الزّكاة ما يسمح لهم بإيفاء ديونهم، سواءً أكانت قليلةً أم كثيرةً، حتى وإن كانوا أغنياء من ناحية قوتهم، فإذا كان هناك رجل له موارد تكفيه لوقته وعائلته، وكان عليه دين لا يقدر على الوفاء به، فإنّه يمنح من مال الزّكاة ما يمكّنه من إيفاء دينه، ولا يجوز إسقاط الدّين عن المدين الفقير واعتبار ذلك زكاةً.
- في سبيل الله: وهو الجهاد في سبيل الله، حيث أنّ المجاهدين يعطون من أموال الزّكاة كفاية جهادهم، ويشترى كذلك من خلال أموال الزّكاة آلات الجهاد في سبيل الله تعالى، وإنّ من سبيل الله أيضاً طلبة العلم الشّرعي، حيث أنّهم يعطون ما يكفيهم لطلب العلم من كتب ونحوها، إلا إن كان له مال يمكّنه من ذلك.
- ابن السّبيل: وهو من كان مسافراً وانقطعت به الطرق، فإنّه يمنح من مال الزّكاة ما يكفيه أن يرجع إلى بلده.
المراجع
(1) بتصرّف عن الموسوعة الفقهيّة الكويتيّة/ وزراة الأوقاف والشؤون الإسلامية- الكويت.
(2) بتصرّف عن فتوى رقم 265/ طريقة إخراج زكاة الذهب/ 18-2-2001/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(3) بتصرّف عن فتوى رقم 2055/ نصاب الذهب والفضة/20-11-1999/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(4) بتصرّف عن كتاب فصول في الصيام والتراويح والزكاة/ محمد بن صالح العثيمين/ الجزء الأول.