الإتقان في العمل
يتمثل الإتقان في العمل بكونه ممارسة الأفراد للنشاطات الإنسانية بناءً على مهارات عالية ودرجات كبيرة من الجودة، وذلك بما يساعدهم على الارتقاء في مهنهم الخاصة أو غيرها من الأعمال الإنسانية، والتي تعود بالفائدة الكبيرة عليهم من خلال زيادة الإنتاج وتطوير السلع، بالإضافة إلى الخدمات الشتى التي يقدمونها إلى مجتمعاتهم وبلادهم نتيجة الإتقان في العمل.
ولا يقتصر مفهوم وتعريف ومعنى العمل الواجب إتقانه هنا على السعي وراء الرزق في الحياة الدنيوية، بل يتسع هذا المفهوم وتعريف ومعنى ليشتمل على جميع الأفعال والأعمال التي يقوم بها الفرد في شؤون الشريعة والدين أو شؤون العلم والتطور التكنولوجي أو شؤون الحياة الدنيوية المختلفة، بشرط أن تتفق هذه الأعمال مع ما نصت عليه الشريعة الإسلامية، فلا تختلف أو تتناقض معها.
الإتقان في العمل بمفهوم وتعريف ومعنى الإسلام
لا يقتصر مفهوم وتعريف ومعنى الإتقان في العمل في الإسلام بكونه مجرد أهداف أو سلوكيات يجب إتقانها، بل يعتبر من الظواهر الحضارية التي يسعى الإسلام إلى نشرها وتحقيقها في المجتمعات الإسلامية، وذلك من أجل تحقيق الارتقاء في البشرية وبناء الحضارات المختلفة وتعمير الكون وتحقيق ثراء الحياة وانتعاشها.
وقبل هذا كله فإن الإتقان في العمل يعتبر من الأهداف السامية التي يلجأ لها العباد بهدف الحصول على رضا الله تعالى، وذلك لكونه سبحانه وتعالى لا يقبل منها إلا ما كان موجهاً بإخلاص لوجهه تعالى، والإخلاص هنا لا يتم إلا بالإتقان، ومن الأمور الجلية في الدين الإسلامي أن إتقان العمل كعبادة أو كعادة من الأمور التي يثاب عليها فاعلها، وتساهم في قَبول عمله من الله عز وجل.
أهمية وفائدة الإتقان في العمل في الإسلام
ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة العديد من الآيات والأحاديث التي تأمر بضرورة الإتقان في العمل، وذلك لقوله -عليه الصلاة والسلام-: "إنّ الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه -رواه أبو علي في مسنده والطبري في المعجم الوسيط-، حيث يظهر في الحديث النبوي السابق بأنه -عليه السلام- لم يقم بتحديد نوع العمل الذي يحب الله من عباده إتقانه، بل جعل ذلك الأمر مفتوحاً وشاملاً لجميع الأعمال الدنيوية والدينية.
كما أشار إلى ضرورة إحضار مخافة الله تعالى عند القيام بأي عمل وتجنب الأعمال المبنية على الغشّ من أجل تحقيق الأرباح السريعة والتي يمحقها الله تعالى ولا يبارك فيها، أما الغش في العمل مهما كان نوعه فيتسبب في إخراج المسلم من جماعة المسلمين وتجرده من الصفات الإسلامية الحميدة، وذلك لقوله -عليه الصلاة والسلام- "مَن غشّنا فليس منا" -رواه مسلم-، فضلاً عن العذاب الذي سيناله بسبب ذلك في الدنيا والآخرة.