ابن الهيثم
ولد أبو علي الحسن بن الحسن (ابن الهيثم) في العراق في مدينة البصرة عام 354هـ، وقد عاصر فترة ازدهار العلوم المختلفة من فلك ورياضيات وطب وغيرها من العلوم، حيث كان مواظباً على دراسة البصريات والهندسة وقراءة كتب علماء اليونان، والعالم الزهراوي الأندلسي وغيرهم في المجال نفسه، حيث قام بكتابة بعض الكتب والرسائل في تلك العلوم، وساهم في وضع أهم القواعد لها، كما قام بتكملة مسيرة العالم الزهراوي.
نظرية الرؤية لابن الهيثم
لقد كان سائداً في العصور القديمة نظريتان كبيرتان حول طريقة الرؤية، النظرية الأولى تعرف بنظرية الانبعاثات، والتي قام بتأيدها بعض المفكرين كأمثال إقليدس وبطليموس، حيث تفترض هذه النظرية أن الإبصار يتم بناءً على أشعة الضوء التي تنبعث من العين، أما بخصوص النظرية الثانية والتي تعرف بنظرية الولوج، والتي قام أرسطو وأتباعه بتأييدها، حيث تفترض دخول الضوء إلى العين بصور فيزيائية.
ولكن ابن الهيثم عارض افتراض النظريتين السابقتين، وعلل سبب الرفض بأن الشعاع لا يمكن أن ينطلق من العين ويصل إلى السماء البعيدة بمجرد فتح العينين، كما عارض ما كان سائداً من الاعتقاد بأن العين من الممكن أن تتعرض للضرر في حال النظر لضوء ساطع، وقام بوضع نظرية ناجحة جداً في تفسير طريقة حدوث عملية الرؤية، والتي تفترض بأن الرؤية تحدث بسبب خروج أشعة الضوء لداخل العين من كل زاوية في الكائن، وهو ما تم إثباته من خلال التجارب.
إنجازات ابن الهيثم
عمل ابن الهيثم على دمج فرضيات أرسطو الفيزيائية مع علم البصريات الهندسية، لتكون الأساس لعلم البصريات الهندسية الحديثة، كما أثبت أن أشعة الضوء تقوم بالسير في خطوط مستقيمة، وقام بتنفيذ عدة تجارب مختلفة تتعلق بالمرايا والعدسات والانعكاس والانكسار، وكان ابن الهيثم الأول في اختزال أشعة الضوء المنعكس والمنكسر في اتجاهين؛ أفقيّ ورأسيّ، وقد كان بمثابة تطور رئيس في البصريات الهندسية.
قدّمت معظم إسهامات ابن الهيثم التشريحية وصفاً تشريحياً للوظيفة الخاصة بالعين كنظامٍ بصريّ، وقامت التجارب الخاصة بالكاميرا المظلمة على توفير المناخ المناسب لابن الهيثم لتطوير نظريته، وذلك من خلال إسقاط النقطة المقابلة للضوء من سطح جسم ما، لتشكيل الصورة على الشاشة.
وعملت المقارنة بين الكاميرا المظلمة والعين، على إيجاد توليفة بين علم البصريات وعلم التشريح، والتي كانت أساس علم البصريات، كما أن تصوّره لمرور الضوء من خلال الثقب من التجارب الحاصلة بالكاميرا المثقوبة، حيث شبّه ما ينتج عن تلك العملية من انعكاس الصورة، بنفس ما يحدث للعين؛ حيث تمثّل حدقتها ثقب الكاميرا.