النبي شعيب
النبي شعيب بن ميكيل بن يَشجر بن مدين، وهو من ذريّة النبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ويقال إنّه من أحفاد النبي لوط، وهو من الأنبياء العربيين الأربعة: هود، وصالح، وشعيب، ومحمد صلى الله عليه وسلم، وكان مميّزاً بفصاحة لسانه، وحكمته، وبلاغته، وتأثيره في قومه. وقد ذُكر النبيّ شعيب في القرآن الكريم عشر مرات، فقال تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ* وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ}. صدق الله العظيم.
قوم شعيب
بُعث سيّدنا شعيب إلى قوم مدين، وهم من العرب وكانوا يقطنون في بلاد الحجاز، في الجهة القريبة من بلاد الشّام وخليج العقبة، وبالتحديد بالقرب من مدينة معان في المملكة الأردنيّة الهاشميّة، وبالقرب من بحيرة لوط، فقال تعالى: {وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ} سورة هود. وكانت القبيلة على دين سيدنا إبراهيم عليه السّلام، وهو دين جميع الأنبياء والمرسلين، ولكنّهم ابتعدوا عن عبادة الله وحده لا شريك له، وانحرفوا عن العقيدة، وأخذوا يعبدون شجرة الأيك. وكانت مدين من القرى المزدهرة في التجارة وقد غرّتهم الحياة الدنيا عن عبادة الله عز وجل، فكانوا يبخسون في المكيال والميزان ويُطففون فيهما، ويأكلون المال الحرام، ويقطعون الطرق، ويعترضون القوافل، ويشيعون في الأرض فساداً وظلماً.
بعثة النبي شعيب إلى مدين
أرسل الله سبحانه وتعالى النبي شعيب إلى قوم مدين بعد أن أفسدوا في الأرض، ودعاهم لعبادة الله وحده لا شريك له وترك عبادة ما لا ينفعهم ولا يضرّهم، ودعاهم لترك الظلم، والعدل في المكيال والحفاظ على حقوق النّاس، وأرشدهم لطريق الحق والابتعاد عن المفاسد، وقبح الأخلاق والأفعال والنوايا، وذكّرهم بنعم الله التي لا تُحصى ولا تُعد، وحذّرهم من حب المال، والانغماس في الشهوات، وما كان ردّهم إلّا استهزاءً بنبي الله وسخريّة بدعوته، وصدّه عن محاولاته بجميع الطّرق الممكنة، وحاول محاولات عدّة، ولكن لم يستجيبوا له. وبعد أن تمادى قوم شعيب كثيراً في فسادهم وضلالهم والابتعاد عن الحق أهلكهم الله سبحانه وتعالى، فأنزل الله عذاباً شديداً على القرية، وزُلزلت بهم الأرض حتى مات من عليها جميعاً وأصبحوا جثثاً هامدة، لا حياة فيهم، بعد أن تكبّروا في الأرض وتجبّروا، وسخروا من قدرة الله عز وجل في إيجادهم ورزقهم.