جرش
تقع مدينة جرش الأردنية في شمال المملكة، وترتفع عن مستوى سطح البحر بحوالي ستمئة متر، وتضم على أرضها مئة وثلاثة وخمسين ألف نسمة في المحافظة ككل، وتحيط بها من الناحية الغربية محافظة عجلون، ومن الجهة الشمالية تحدّها إربد، بينما تحدّها من الجهتين الجنوبية والشرقية العاصمة عمان.
تعتبر مدينة جرش مدينة أثرية ذات أهمية وفائدة تاريخية وسياحية، حيث تعد محط أنظار السياح من كل أنحاء العالم، كما تعتبر من آثار العصرين اليوناني والروماني، ويشار إلى أن مدينة جرش قد تعرضت لزلزال عنيف دمّر أجزاءً كبيرة من آثارها في عام سبعمائة وسبعة وأربعين ميلادي، كما ألحقت الحروب أيضاً أضراراً بالغة فيها، وكان قد تم اكتشافها في عام 1806م على يد المستشرق الألماني أولريش ياسبر زيتسن ليعود للمدينة مجدها وتنهض من جديد، وهي إحدى مدن الديكابولس العشرة.
التاريخ
خضعت مدينة جرش أثناء احتلال بلاد الشام لحكم الروم، واتخذت أهمية وفائدة كبيرة نظراً لموقعها الاستراتيجي، حيث كانت تتخذ موقعاً على ملتقى طرق ووسائل القوافل التجارية حتى أصبحت بعد ذلك مركزاً تجارياً وثقافياً مزدهراً، وفي عام 130م أصبحت أهم مدن اتحاد الديكابوليس، وشهدت الحركة التجارية فيها ازدهاراً غير مسبوق حيث توسعت علاقاتها مع مدينة الأنباط، ولكنها فقدت أهميتها التجارية بعد أن تم تحويل طرق ووسائل التجارة وبعد أن قام الروم بتدمير مدينة تدمر في شمال سوريا، واضطربت أوضاعها الأمنية، وقامت الإمبراطورية الروسية بتوسيع نفوذها واجتاحت بلاد الشام، وكانت هذه أسوأ فترة تاريخية على جرش.
التسمية
حملت مدينة جرش في زمن العرب الساميين القدماء أسماء عدة مثل "جراشا" و"جراشو"، وتعني هذه المسميات المكان ذو الأشجار الكثيفة، ومع قدوم عصر الإغريق أطلقوا عليها اسم جراسا، وفي عام ثلاثة وستين قبل الميلاد انضمت مدينة جرش إلى مدن الديكابولس وهي مدن عشرة قام بتأسيسها بومبي في شمال الأردن، وتم تأسيسها للوقوف في وجه الأنباط والتصدي لقوتهم في الجنوب، وحملت اسم "بومبي الشرق".
بحلول عام ثلاثمئة وخمسين ميلادي عادت مدينة جرش إلى الانتعاش مجدداً، فشهدت عصراً ذهبياً خلال فترة العصر الروماني عليها، وقاموا بإدخال الديانة المسيحية إليها، وشهدت حركة عمرانية في تشييد الكنائس وبناء الأديرة التي تم تدمير غالبيتها من قبل الجيوش الفارسية، ومع حلول عام 635 م توجهت الجيوش الإسلامية إلى جرش بقيادة الصحابي الجليل شرحبيل بن حسنة وتم فتحها وعاشت مجدداً بأمن واستقرار.
السكان
احتلت مدينة جرش المرتبة الرابعة عشر بين البلديات الأردنية من حيث السكان، وبينما تحتل المرتبة الثانية بين المحافظات الأردنية من حيث الكثافة السكانية، وتضم بينها عدة قوميات مختلفة، ويعتنق معظم سكانها الديانة الإسلامية وتعتنق الأقلية الديانة المسيحية.
السياحة
تتصدّر مدينة جرش قائمة الأماكن السياحية، وتحتل المرتبة الثانية بعد مدينة البتراء، وتتخّذ مدينة جرش الأثرية طابعاً يونانياً رومانياً، ومازالت تحتفظ بطابعها الممزوج ما بين الشرقي والغربي، ويشار إلى أنه يظهر لزائرها من خلال فن العمارة وهندستها وديانتها ولغتها مدى الاندماج والتعايش بين العالمين الروماني واليوناني.
آثار جرش
جرش تحوي العديد من الآثار التي تجذب السياح، ومن هذه الآثار المميزة التي تجمع ما بين الحضارتين الرومانية واليونانية ما يلي:
المسرح الجنوبي
تقيم وزارة الثقافة والفنون الأردنية سنوياً في المسرح الجنوبي مهرجاناً سنوياً ثقافياً "مهرجان جرش للثقافة والفنون"، ويتسّع لحوالي ثلاثة آلاف متفرج، ويشار إلى أن المسرح الجنوبي قد بُني في أواخر القرن الأول الميلادي.
سبيل الحوريات
أقيم سبيل الحوريات في نهايات القرن الميلادي الثاني، وهو عبارة عن بناء يحتوي عدة نوافير ماء، ويشار إلى أنه ما زال قائماً لكن تحت مسمى نمفيوم، والذي كان قد تم بناؤه في عام مئة وواحد وتسعين للميلاد، كما يضم أيضاً حوضاً من الرخام الفاخر، ويُقسم إلى طابقين، ويزدان الجزء السفلي منه بالرخام، أما الجزء العلوي فيزدان بالزخارف الهندسية ذات التكوين الرائع.
البوابة الجنوبية
ويطلق عليها أيضاً بوابة فيلادلفيا، وكان قد تم تشييدها في القرن الثاني الميلادي، وتم تدميرها عام مئتين وثمانية وستين ميلادي خلال فترة الحروب التي تعاقبت عليها.
شارع الأعمدة
يصل طول هذا الشارع إلى حوالي ثمانمائة متر تقريباً، ويعتبر الشارع الرئيسي في المدينة.
المدرج الشمالي
ويعتبر من أهم أجزاء المدينة الأثرية الشمالية، وتم تشييده في الفترة ما بين 164-165، ويتسع لحوالي ألف وخمسمئة مشاهد، وتقام فيها فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون.
معبد آرتميس
يعتبر هذا المعبد من أفخم معالم مدينة جرش الأثرية، ويضم بين أجزائه معابد زيوس، وزفس، وقاعة البرلمان، والمقبرة، وحلبة سباق الخيل بالإضافة إلى أقنية للري والحمامات الفاخرة، ويعّد معبداً للآلهة التي تحرس المدينة.
ساحة الندوة
هي ساحة تقع في وسط المدينة تتخذ شكلاً بيضاوياً، وهي محاطة بأعمدة يونانية.
الهيبودورم
يتخّذ شكل حرف U في اللغة الإنجليزية، وهو مضمار للخيل، كما يطلق عليه أيضاً مسمى السيرك، وهو عبارة عن مجموعة من المدرجات ترتفع من جهاتها الثلاث على أقبية، ويشار إلى أنها كانت قديماً مضماراً لسباق الخيل والعربات التي تجرها حصانان أو أربعة.
الكاتدرائية
لها بوابات حجرية، تمتاز بضخامتها، ويشار إلى أن هذه البوابات محفوفة بالمنقوشات والصور المنحوتة، وتعتبر من اجمل وافضل المعالم الدينية، وتعود أصولها إلى معبد ديونيسوس الرومي.
بركتا جرش
اتخذ الرومان من موقع بركتي جرش مقراً لإقامة الاحتفالات الخاصة بقدوم الربيع، وتعتبر هذه البرك مصدراً رئيسياً للمياه في المدينة، ويطلق عليها الآن مسمى "عين القيروان"، وتتدافع مياهها داخل أسوار المدينة الأثرية، وكان قد تم بناؤهما لنقل المياه إلى المدينة كاملة، وتعمل بالاعتماد على نظام ذي أنابيب فخارية وقنوات حجرية، وتكون محاطة بمدرج من الحجر.
المسجد الحميدي
نُسب اسم المسجد الحميدي إلى السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، وتم تشييده على يد شراكسة في عام 1887م، وكان ذلك بعد اتخاذهم جرش مقراً لهم، ويعّد هذا المسجد من أهم المساجد في المدينة الأثرية في جرش، وتحيط به آثار رومانية من جهتي الشمال والغرب، وكما يطل على المدرج الروماني وشارع الأعمدة، ويذكر بأن قناة رومانية كانت تمر بالقرب منه، ويتسع لحوالي ألف وخمسمئة مصلٍ، ويصل ارتفاع مئذنته الدائرة الشكل إلى حوالي خمسة عشر متراً.
المسجد الأموي في جرش
تم اكتشاف وجود المسجد الأموي في مدينة جرش في عام 2002 ميلادي، ويحتل موقعاً على زاوية تقاطع شارع الكادرو (شارع رئيسي) مع شارع فرعي الديكمانوس، وتعود أصوله إلى فترة حكم الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك.
مقام النبي هود
تحتضن مدينة جرش مقام نبي الله هود عليه السلام، وهو يتربّع على قمة جبل مرتفع يقع في شرق جرش وتحديداً في قرية "هود"، والتي نسبت تسميتها إلى نبي الله، ويتكون المقام من طريق ضيق، يمتاز بارتفاعه الحاد، وهو عبارة عن غرفة تصل مساحتها إلى ستة عشر متراً مربعاً، وفي أعلى البناء قبة، وتفترش أرضيتها بالسجاد والحصر، وتصل مساحة الأرض الكلية للمقام حوالي مئة وستين متراً.
مهرجان جرش
تستضيف الأردن سنوياً على مسرح جرش (الجنوبي والشمالي) مهرجان جرش للثقافة والفنون، ويُعد في شهر تموز من صيف كل عام، وتقام فيه عروض فلكلورية تقدّمها فرق محلية وعالمية، بالإضافة إلى الأمسيات الغنائية، وعروض الأوبرا، والمسرحيات، ورقصات الباليه، وبازارات لبيع المصنوعات اليدوية التقليدية.