الله هو مصدر كل خير حصل لنا في هذه الدنيا، وهو مصدر النعم أيضاً، التي أنعم بها علينا كي تستقيم حياتنا، فنعم الله لا تعد ولا تحصى، وهي التي تيسر علينا عيشنا على هذه الأرض وتيسر علينا الاندماج بين كافة مخلوقات الله – عز وجل -، وقد زودنا الله تعالى بالجوارح والعقل والروح، لنستطيع فهم ما يدور من حولنا وما يلتبس علينا من إشكالات تعترض طريقنا ومسيرة حياتنا، فبالعقل نفهم وندرك ونعي ما يدور حولنا من أحداث وظواهر، وبالروح نرتقي ونسموا وتتعاظم أهميتنا وتتحدد غايتنا التي خلقنا الله تعالى لأجلها. فالروح هي هدية الله تعالى لبني آدم، وهي هدية مقدسة لا يمكن نهائياً أن تحتوي على شراً من الشرور.
لم يهدنا الله عز وجل العقل والروح وملكة التفكير فقط ومن ثم تخلى عنا وتركنا نهيم على وجوهنا، بل أخذ بأيدينا نحو كل تعرف ما هو خير وكل تعرف ما هو جميل، فكل خير أصبناه أرشدنا الله تعالى إليه، وكل شر اقترفناه، لا بد وأن الله تعالى نبهنا منه بأي وسيلة كانت، فلو تفحصنا ما مررنا به قبل ارتكابنا للشرور من حالات ومواقف سنجد أن الله تعالى تعالى حذرنا من مغبة الإقدام على هذا العمل القبيح بشكل عام أو بشكل خاص ... لا بد من ذلك، فالله تعالى لم يترك عباده وحدهم، والله تعالى هو رب العالمين هكذا تعلمنا من سورة الفاتحة، فهو ليس رب جماعة وحدهم، يهتم بها ويرعاها دوناً عن باقي الجماعات.
من وسائل هداية الله تعالى لنا للخير، هي انشراح القلب لعمل معين، فالعمل الجيد والذي فيه الخير ينادي على فاعله، على عكس العمل المليء بالشر والحقد فهو يظلم القلب ويظلم بصيرة الإنسان، فلا أتصور أن إنساناً يسرق أو يقتل ويكون مسروراً، وبنفس المنطق فلا أتصور أيضاً أن من يقدم على مساعدة محتاج يظلم قلبه وتسود معيشته، فالعمل الجيد له علامات و دلائل والعمل السئ له علامات.
ومن محبة الله تعالى لنا ومن فضله علينا، أنه هدانا إلى عبادته وتوحيده وهدانا إلى التعرف عليه وعلى طريقه طريق الخير والرحمة والحب والتسامح، هذا هو طريق الله تعالى، الذي به تستقيم الحياة، أما طريق الشر والحقد والغل فهو طريق الشيطان الذي يعاكس طريق الله تعالى على الدوام فهذان الطريقان لا يلتقيان أبداً، وأيضاً هدانا إليه عبر إرساله لأنبيائه إلينا وخاتمهم النبي والرسول الأعظم محمد – صلى الله عليه وسلم -.