السنة النبوية الشريفة
السنة النبوية هي كلّ ما ورد عن رسول الله من قول، أو فعل، أو عمل، أو تقرير، أو صفة، وما إلى ذلك، وهي من الأهميّة بمكان أنّها حَفظت للمسلمين إرث الرسول الأعظم محمّد كاملاً، فصاروا بقراءتهم للأحاديث الصحيحة كأنّهم يتواجدون معه في المكان نفسه، ومن هنا فقد حصلت السنة النبوية على أهميّة كبيرة في التاريخ الإسلامي بشكلٍ كبير.
اعتنى المسلمون عبر العصور بتدوين السنة النبوية الشريفة؛ حيث استطاعوا تنقيتها قدر المستطاع، فهي ليست محفوظة كالقرآن الكريم، بل قابلة للدس، والتغيير من قبل المتربصين بهذه الأمة من أعدائها الخارجين أو الداخليين، لهذا فقد وضع علماء المسلمين عدّة ضوابط منهجيّة وعلمية لنقل السنة النبوية، وفيما يلي المراحل التي تمّ بها تدوين السنة.
مراحل تدوين السنة
في عهد الرسول
كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- يحرص حرصاً شديداً وكاملاً على حفظ القرآن الكريم فقط، وكان يأمر الصحابة الكرام باستمرار بحذف كلّ ما دوّنوه عنه عدا الآيات القرآنية، خشية منه على أمّته من التداخل والالتباس فيما بعد، إلا أن الصحابة حفظوا وفهموا أقوال الرسول وتصرفاته في حياته، فاستطاعوا حفظ السنة بأدمغتهم وعقولهم. مع هذا فقد كان هناك بعض الصحابة وهم قلة ممن سمح لهم الرسول الأعظم بكتابة أقواله، فقد أمن عليهم من حدوث الالتباس في المستقبل.
في الخلافة الراشدة
لم تكن هناك محاولات أبداً لحفظ السنة النبوية وتدوينها في زمن الخلافة الراشدة، بل على العكس، فقد اهتم الخلفاء الراشدين بحفظ كتاب الله وجمعه من الصدور، وأدوات الكتابة المختلفة، خشيةً عليه من الضياع بسبب ما حدث من أحداث سياسية ألحقت أذىً كبيراً بحفظة القرآن العظيم.
في الخلافة الأموية
بسبب اتّساع رقعة الدولة الإسلامية في زمن الخلافة الأموية، صار المسلمون بحاجة ماسّة للاطلاع على الإرث المصطفوي، فألحّ الناس على الخليفة عمر بن عبد العزيز بأن تشرف الدولة على تدوين السنة النبوية وجمعها، فرضخ لهم، وأوكل هذه المهمة إلى علماء المسلمين، ومن شدّة رغبتهم وحرصهم الشديد على حفظ السنة وتنقيتها من أية شوائب محتملة ظهر لديهم الإسناد، الذي حصر الأحاديث النبوية في أضيق الحدود.
وضع الكتب
في هذه المرحلة تم وضع الكتب الخاصّة بعلوم السنة النبوي؛ حيث استطاع العلماء أن يضعوا كتب الجوامع، والسنن، والمصنفات، والمسانيد، وغير ذلك، فقد كان لكل إمام من الأئمة كتابه الخاص، الذي جمع فيه الأحاديث النبوية؛ حيث تمّ جمع الأحاديث بناءً على شروط كلّ عالم من العلماء في قبول الحديث أو رده، ومن العلماء من آثر جمع كلّ ما سمعه مع وضعه للسند، فكانت مثل هذه الكتب تسمى بالجوامع، لأنها تجمع مختلف أصناف الحديث من حيث الدقة.
التعديل، والتنقيح، والمراجعة
خضعت السنّة النبوية من قبل العلماء المتخصّصين إلى العديد من عمليات المراجعة على مرّ الأزمنة والعصور التي ربما لا نجد مثلها في يومنا هذا، مع أننا بأمس الحاجة إلى إعادة تنقية للسنة النبوية، وإعادة قراءة لها، فقد توفّرت لدى أبناء العصر الحالي معلومات أكثر من تلك التي كانت موجودةً لدى العلماء القدامى.