الإيمان بالله
الإيمان بالله يُقصَدُ بهِ التصديقُ الجازم واليقين الذي لا يتردد ولا يُداخلهُ شكٌّ، ولعلّ التعريف ومعنى الجامع المانع لمعنى الإيمان هوَ القولُ باللسان والتصديق بالجَنان والعَمَل بالجوارح والأركان، وفي هذا المعنى الشامل تأكيدٌ على أنَّ الإيمان يبدأ بأن تتلفّظ بقوله بلسانك وهذا القول باللسان لا بُدَّ وأن يكونَ نابعاً من قلب مؤمن مُوحّد.
يتكلّل هذا التصديق بأفعالٍ على أرض الواقع، فلا يكونُ المرءُ مؤمناً بالله وأفعالهُ مليئةٌ بالفُجور والإساءة لخلق الله، لأنَّ الإيمان لا بُدّ أن يجعل من المؤمن إنساناً تقيّاً حريصاً على فِعل الخير ومحبةِ الخَلق وحُسن التعامل مع الناس، وفي هذا المقال ولأهميّة الإيمان في حياتنا سنُسلّط الضوء على كيفيّة زيادة الإيمان بالله تعالى وتقوية وتنمية هذا الإيمان.
تحقيق قوّة الإيمان
من المعروف عندَ أهل السُنّة والجماعة ولصحيح ما ثبتَ عن رسولِ الله صلّى الله عليهِ وسلّم أنَّ الإيمانَ يزيدُ وينقص، فهوَ يزيدُ بالطاعات وينقص بالمعاصي، وهذا هوَ أوّل مفاتيح تحقيق القوّة الإيمانيّة، ويتمثّل في زيادة الطاعات والمُحافظة عليها والبُعد عن المعاصي والمُحرَّمات كبيرها وصغيرها، ويحتاج هذا الأمر للثبات عليهِ؛ لأنَّ الثبات هوَ المُعوّل عليهِ في رفع قوّة الإيمان خُصوصاً حينَ تأتي العِبادات والنوافل تترى فترتقي بروح المؤمن وتسمو بها.
قوّة الإيمان تأتي أيضاً من خِلال التفكّر والتدبّر في آيات الله المسطورة وآياتِ الله المنظورة، أمّا المسطورة فهي آياتُ القُرآن الكريم التي بينَ أيدينا نتلوها آناءَ الليل وأطراف النهار، فكُلّما تدبّرتَ كلامَ الله وفهمتَ تفسيره وقعَ في قلبك من الإيمان بقدر تلاوتك وتدبّرك وفهمك، فكُلّما ازددت فتحَ الله لكَ من الإيمان، وكذلك التفكّر في آياتِ الله المنظورة وهيَ خلقُ الله المنظور أمامنا في أنفسنا نحنُ أولاً وفي بقيّة ما خلقَ الله من الدواب والأنعام صغيرها وكبيرها.
ما بالك لو نظرتَ إلى فِجاج الأرض والأنهار التي تجري فيها، والبِحار الزاخرة والمُحيطات الواسعة، وإذا نظرتَ كذلك في ملكوت السماوات والأرض، إلى النجوم والكواكب وكيفَ حفظَ الله هذا الكون من أن يتساقط بعضهُ على بعض، فالسماوات مرفوعة بغير عمد والأرض تدور بنا ولا نسقط، والشمس تمنحنا الدفء ولا تحرقنا، والقمر يدور حول الأرض في فلك ثابت لا يتزحزح، من يُمسك هذا الكون من أن يطغى بعضهُ على بعض، والله لو كانَ فيهِ آلهةٌ إلاّ الله لفسد، ولذهبَ كُلُّ إلهٍ بخلقه، ولكنّهُ إلهٌ واحد جلّ جلاله، وهُنا صميم الإيمان والتوحيد والإقرار لله تعالى بالخلق والأمر وهُنا يربو الإيمان ويزداد.