طاعة الله ورسوله
خلق الله تعالى الإنسان واستخلفه في الأرض من أجل تحقيق مقاصد شرعيّة، وغايات نبيلة تتمثّل في عبادة الله سبحانه وتعالى في الأرض، وعمارتها العمارة التي ترضي الله تعالى وتكون وفق منهجه، وإنّ من متطلّبات تحقيق الاستخلاف الشّرعي وجوب طاعة الله ورسوله، حيث يكون في هذه الطّاعة رشاد الإنسان وسلامة منهجه في الحياة، وسبب حصوله على السّعادة في الدّارين، وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى هذه الطّاعة في آياتٍ كثيرة منها قوله تعالى: (يا أيّها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم) فتعرف ما هو الفرق بين طاعة الله وطاعة الرّسول وطاعة الحاكم؟
الفرق بين طاعة الله ورسوله وطاعة الحاكم
إنّ طاعة الله سبحانه وتعالي هي طاعة واجبة ثابتة، وهي طاعة لازمة لله تعالى على عباده، ومعنى ثبوت تلك الطّاعة لله تعالى ووجوبها أنّ الله تعالى يحاسب عبده إذا لم يستجب لأوامره ونواهيه، وقد يترتّب على عدم الاستجابة لها العذاب، كما يترتّب على الاستجابة لها والانقياد حسن العاقبة والثّواب، بينما تكون طاعة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام واجبة كذلك؛ باعتبار أنّ النّبي الكريم هو مبلّغ عن ربّ العزّة جلّ وعلا، وأنّ أوامره إنّتعرف على ما هى وحي من الله تعالى وليس بصفته البشريّة، وبالتّالي تكون مخالفة النّبي عليه الصّلاة والسّلام وعصيان أوامره هي مخالفة لأوامر الله تعالى وعصيان لأوامره جلّ وعلا، أمّا طاعة الحاكم وهو الإنسان الذي وكّله النّاس في تسيير أمور حياتهم وقيادتهم فإنّ طاعة هذا الإنسان تكون واجبة باعتباره وليًّا للأمر، وباعتباره خليفة لله في الأرض إذا ما تحقّقت فيه شروط الاستخلاف والبيعة الصّحيحة من قبل عامّة المسلمين، ولكنّ الطّاعة للحاكم تختلف عن طاعة الله ورسوله في أنّها طاعة مقيّدة محدودة في الاستجابة له ولأوامره في الحياة باعتباره قائد السّفينة وربّانها، وهي طاعة مرتبطة بالأمر المأمور به، فإذا كانت بالمعروف وجبت الاستجابه لها، أمّا إذا كانت في المعصية فلا طاعة للحاكم، لذلك جاءت الطّاعة معلّقة بطاعة الله ورسوله، فهي ليست واجبة لعينها وذاتها، وإنّتعرف على ما هى واجبة باعتبارها طريقًا لتحقيق غايات بشريّة في الحياة وفق منهج الله تعالى وسنّة نبيّه الكريم.
إنّ أوامر الله سبحانه وتعالى ورسوله هي مرجع للمسلمين في الحياة؛ لأنّها لا يأتيها الباطل من بينها ولا من خلفها، وبالتّالي لا يحقّ للمسلم مخالفتها أو تجنّب الاحتكام لها، قال تعالى: (وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) أمّا رأي الحاكم وأحكامه فإنّها يعتريها الخطأ، وقد يظهر مجانبتها للصّواب باعتبار مصدرها البشري، وهذا ما حصل حينما همّ عمر بن الخطاب أن يحدّد مقداراً لمهور النّساء، فقامت له امرأة لتبيّن له خطأ ذلك بذكر الآية الكريمة: (وإن أردتم استبدال زوجٍ مكان زوج وآتيتم إحداهنّ قنطارًا فلا تأخذوا منه شيئًا) فقال عمر: أصابت امرأة وأخطأ عمر.