عبد الحميد بن باديس
هو أحد أهمّ أعلام الجزائر، واسمه عبد الحميد بن محمد المصطفى بن المكيّ، يُعد من مُؤسسي الحركة الإصلاحية الإسلامية في الجزائر في بداية القرن الماضي، وُلد في القسطنطينة عام 1889م، وله العديد من الأعمال، ويُعتبر من أهمّ شيوخ الجزائر والعالم العربي في ذلك الوقت، تتلمذ الشيخ عبد الحميد بن باديس على يد عدد من علماء الدين، وأَسس جميعة البشير الإبراهيمي، كما ترأس جمعيّة العُلماء المسلمين في ثلاثينيات القرن العشرين.
نشأ هذا الكاتب والعالم الديني في أسرةٍ مُتمسكةٍ بتعاليم الدين الإسلامي، وقد تَتلمذ على يد حمدان لونيسي وهو صغيراً، ثُمّ التحق بجامعة الزّيتونة في تونس عام 1908م، وبعد أنْ حصل على شهادتهِ الجامعيّة عمِل في التدريس لِمدة عام، ثُمّ قرّر السفر إلى الحجاز طلباً للعلم، حيث كانت السعودية في ذلك الوقت أحد أهمّ مراكز التعليم الإسلامي.
أثر عبد الحميد بن باديس على المُجتمع الجزائري
تأثر هذا الكاتب بالحركة الصوفية، وكان يُؤمن بضرورة العودة إلى الإسلام، وتطبيق أحكامهِ في جميع شؤون الحياة، وقد تأثر بالفكر الصوفي من مُعلمه حمدان لونيسي، ولكنَّ هذا لم يمنعه من التعرف على جميع الأفكار والمذاهب الإسلامية الأخرى، خاصةً في الفترة التي تواجد فيها في السعودية؛ ممّا جعله يعود للجزائر لِيقف بوجه كلّ المُمارسات الخاطئة التي تُخالف الدين الإسلامي، وسعى جاهداً لِتصحيح كلّ الأمور الخاطئة التي تَسود المُجتمع الجزائري.
التقى بن باديس بالعديد من علماءِ عصره الذين كانوا يُنددون بالاستعمار في ذلك الوقت، وعملوا على محاربته بشتى الطُرق، الأمر الذي أدى إلى اضطهاد العديد من رجال الدين، ولكنه بقي مُصراً على مُحاربة الظلم بِمختلف أشكاله، ورغم اهتمامه بالدين إلّا أنَّ هذا لم يمنعه من مُمارسة نشاطاتٍ سياسيةٍ واجتماعيةٍ لإصلاح مُجتمعه والنهوض به نحو الأفضل.
اهتمّ هذا الكاتب بتربية الأبناء تربيةً سليمةً تعتمد على الأخلاق الفضيلة، وقد بدأ بنشر أفكاره في الجامع الأخضر، الذي كان يلتقي به عدداً من الطُلاب ليعلمهم أهميةَ الأخلاق في تنشئة جيلٍ واعٍ يُدافع عن وطنه ضد كلّ أنواع الظلم، كما أنَّ له نشاطاتٍ سياسية تَمثلتْ في البداية من خلال كتاباته الصحفية، فقد عمِل في صحيفة النجاح، وكان يكتُب مقالاته باسمٍ مُستعار، ثُمّ أسس جريدةَ المُنتقد التي أصبحت مِنبراً لآرائه السياسية، وهذا لم يُنِسه اهتمامه بالدين فأسّس المطبعة الإسلامية الجزائرية، ليتم فيها طباعةُ كُتبِ الشريعة والكُتب الدينية الأخرى.
كانَ كاتباً سياسياً وعالماً ومُناضلاً، يصعب على الجزائر نسيانه؛ فهو من دعا إلى التهدئة بين المُسلمين واليهود الجزائريين، والالتفات إلى ممارسات الاستعمار الذي كان مسيطراً على الجزائر في زمانه، وله العديد من الإسهامات في مجالاتِ التربية، والحث على الأخلاق الإسلامية الحميدة، كما أنّ له عدد من المُؤلفات المتنوعة مثل: تفسير بن باديس، ومن هدي النُبوة، ورجال السلف ونساؤه.
وفاة عبد الحميد بن باديس
تُوفي عام 1940م إثرَ مرضٍ ألمَّ به، وقد حضر جنازته أكثر من مِئة ألفِ شخص، وقام طلابه - ممن تتلمذوا على يده في الجامع الأخضر - بحمل جثمانه إلى مَثواه الأخير، وذلك تقديراً لهذا الشخص الذي لم يكن سهلاً على الجزائريين نسيانه ونسيان إنجازاته.