الصدق
يتربّع الصدق على أعلى درجات الأخلاق، فهوَ من أنبل الصفات وأكثرها ضرورةً في حياة الناس، وكثيراً ما نسمع عن نعت فُلان بأنّهُ صادق فتنشرح نفوسنا له، ونُقبِلُ عليهِ بلا خوفٍ ولا وجل، وكم نشعرُ بالنفور من الذي يوصفُ بالكذب وننأى عنهُ قدر المُستطاع، وفي هذا المقال سنتحدّث عن فضيلة الصِدق وأهميّة الالتزام به.
تعريف ومعنى الصدق
هوَ قول الحقيقة وفعل الصواب وبيان الواقع كما هوَ دونَ تحريفٍ أو تغيير أو تزوير، وقد حثّت الشرائع السماوية كافّة على الصدق وضرورة التحلّي به، ويقولون التحليّ لأنّهُ كالذهب والجواهر والحليّ وهذا هوَ الصدق، وقد أمرنا الدين الإسلاميّ بالصدق وأمرنا بتحرّي الصدق والالتزام به، ونهانا عن الكذب والبُعد عنه، فقد قالَ عليهِ الصلاةُ والسلام: (عليكُم بالصدق، فإنَّ الصِدق يهدي إلى البِرّ، وإنَّ البِرَّ يهدي إلى الجنّة، وما يزالُ الرجل يصدُق ويتحرّى الصِدق حتّى يُكتبَ عِندَ الله صدّيقاً).
أهميّة الالتزام بالصدق
التزام الصدق وتحرّيه هو سبيل المؤمن إلى الجنّة، وهذا من أعظم الفضل والثواب للصدق في الآخرة، أمّا في الدنيا فللصدق والالتزام به أهميّةٌ عظيمة نتطرّقُ لبعضٍ منها:
- قبولكَ في الأرض وبين الناس وشيوع محبتكَ في قلوبهم، فالصادق كما قُلنا سابقاً هو قريبٌ من الناس؛ لأنّهُم يجدونَ عندهُ الحقيقة ويجدون لديهِ الصواب من الأقوال والأعمال والمشاعر، فالصادق لا يُمكن أن يخدعَ أحداً ولا يطعن في الظهر ولا يخونُ ولا يمكُر، فقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث النواس بن سمعان رضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيّ صلَى الله عليهِ وسلّم قال: ( كبُرَت خيانةً أن تُحدّثَ أخاكَ حديثاً هوَ لكَ مُصدّق وأنت بهِ كاذب).
- الالتزام بالصدق يمنحكَ السُمعة الطيبة والسيرة العطرة، فكما نعرف أنَّ النبيّ عليهِ الصلاةُ والسلام كانَ يُلقّب قبلَ الإسلام بالصادق الأمين، فكانت هذهِ السُمعةُ الطيّبة سبباً لإيمان العديد من الناس به لإيمانهِم بصدقه وأمانته.
- يمنحكَ الصدق بركةً في الرزق، لأنّ الصادق خُصوصاً في تجارته وعمله يُقبل عليهِ الزبائن ويثق بهِ المُتعاملون فيشترون منه لثقتهِم بصدقه وجودة بضائعه، وأنّهُ يبيع ما لديه بسعرٍ أقلّ من غيره مع ضمان جودة ما يبيع، وكذلك العامل المُخلص في عمله والصادق في أفعاله يُقرّبهُ إلى ربّ العمل، ويجعلهُ أكثرَ حظوةً بسبب صدقه الذي يستحقّ عليهِ كُلّ خير.
- يُنقذكَ الصدق ويُنجيك من الوقوع في المشاكل وعيوب والمزالق، فكمّ من شخصٍ أنقذهُ صدقه وأخرجهُ من أفواه السباع؛ لأنَّ الصادق قريبٌ من الله ولن يخذلهُ أبداً، وكذلك فإنَّ الصدق ذو اتجاهٍ واحد ومهما نسيت فلن تقول إلا الصدق، بينما الكاذب فربّما يكذب كذبة ثُمّ ينساها فيقع في كذبةٍ أخرى، وهكذا لأنّ الكذب ملتوٍ وذو تشعّباتٍ ومزالق كثيرة، ولا بُدَّ وأن يسقط يوماً في شَركِ كذبه.