إمتازت هذه الأمّة من بين الأمم بعبادتها لله وحده لاشريك له ، فكانت في إيمانها و أفعالها موحّدةً له سبحانه ، فقد رأينا كيف ضلّت اليهود و النّصارى ، فقالت اليهود عزير ابن الله و قالت النّصارى المسيح ابن الله بل قالت بعض طوائف النّصرانية أنّ الله هم المسيح ابن مريم ، و قد خرجت طوائف من المسلمين تضاهي اليهود و النّصارى و تشابههم في معتقداتهم فظهر الشّيعة و غيرهم من الطّوائف الشّاذة بعقائد أساءت إلى شريعة الإسلام و عقيدة التّوحيد ، فعصموا الإئمة و بلغوا بهم حدّ التّقديس بل إنّ بعض طوائف الشّيعة و هي النّصيريّة – لعنهم الله – ترى أنّ في سيدنا عليّ ابن أبي طالب جزءاً إلهياً و تكلّموا فيه كلاماً ينافي العقيدة بل يخرجهم من الملّة ، و قد تكفل الله سبحانه و تعالى بحفظ القرآن و الدّين فالعقيدة الصّحيحة باقيةٌ إلى قيام السّاعة و إن حوربت و تكالب على معتنقيها الأعداء ، فما ينفع النّاس يبقى و يمكث في الأرض و الزّبد يذهب جُفاء ، قال تعالى " و ما أمروا إلاّ ليعبدوا الله مخلصين له الدّين حنفاء و يقيموا الصّلاة و يؤتوا الزّكاة و ذلك دين القيّمة " .
و إن أجلّ الأمور إلى الله توحيده سبحانه و توحيد الله يشتمل على أقسامٍ يكمّل بعضها بعضاً فهناك توحيد الرّبوبية أي إفراده سبحانه في الخلق و التّدبير و الرّزق و الإحياء و الموت فهو وحده الذي يخلُق و يحيي و يميت و يرزق البشر و الأنعام بل و يدبّر الكون كلّه في نسق عجيب و قد كان المشركون في زمن الجاهليّة يوحدّون الله في ذلك أي يؤمنون أنّ الله خالقهم و لكن يشركون به غيره و يعبدونهم تقرباً الى الله و وسيلةً ، و هناك القسم الثّاني من التّوحيد و هو توحيد الألوهية أي توحيد الله سبحانه و تعالى بأفعال العباد أي ما يتعلق بها من خوف و رجاء و دعاء و التجاء و عبادةٍ و امتثال أمره وحده ، فنحن ندعو الله ونصلّي له و نخافه سبحانه و نرجوه و هذا ما ميّز هذه الأمّة بين الأمم ، و أخيراً هناك توحيد الأسماء و الصّفات و هو الإيمان بصفات الله جميعها على الوجه الذي ورد في كتاب الله و سنّته فنحن نؤمن بأنّ الله سميعٌ بصيرٌ رحمنٌ رحيمٌ مستوٍ على العرش ، ونؤمن بذلك كله من غير تحريف و لا تعطيل و لا تشبيه أو تكييف ، جعلنا الله جميعاً ممن يوحّده حقّ توحيده ، أنّ الله و ليّ ذلك و القادر عليه .