يحتاج الإنسان لفكرة يؤمن بها يستطيع من خلالها أن يحيا على هذه الأرض بين البشر، فيعلو ويرتقي معهم ويأخذ بيدهم، فتكون هذه الفكرة بمثابة النور الهادي له ولطريقه، ينقذه من الوقوع في الأخطاء الجسيمة إذا ضعفت نفسه، وترجعه إلى الطريق المستقيم. لهذا أرسل الله الأنبياء هداة مبشرين بهذه الفكرة، ألا وهي الأديان السماوية، فكل الأديان التي جاء بها الأنبياء تدعو إلى توحيد الله تعالى، واتباع أوامره، والأهم من هذا أنها تحث على انتهاج طريق الأخلاق الحسنة والابتعاد عن الأخلاق الرذيلة، فكل الأخلاق ما حرمه الله هو من الأخلاق السيئة، وكل ما أحله الله هو من الأخلاق الحسنة.
أعظم الأديان السماوية هي اليهودية والمسيحية والإسلامية الخاتمة، فالإسلام هو دين سماوي بعث به خاتم الأنبياء والمرسلين محمد – صلى الله عليه وسلم -، كما بعث من قبله موسى باليهودية و عيسى بالمسيحية، فالأديان تشترك في الجوهر وتختلف في التطبيق والتشريع، فجوهر الأديان واحد، توحيد الله وعبادته وحده، واتباع الأخلاق القويمة، أما التشريعات فتختلف من دين لآخر، أو من ملة لأخرى كما يسميها البعض، فالبعض يرون أن الدين واحد عند الله وهو الإسلام، ولكن الملل مختلفة فهناك الملة اليهودية والملة المسيحية والملة الإسلامية.
الإسلام كدين خاتم جاء لينقذ الناس من الضلال المنتشر ويذكرهم بالأخلاق الحميدة التي كانوا عليها، فهو بذلك يلغي القبيح من الأخلاق ويثبت الحسن منها، بل ويضيف أخلاقاً حسنة أخرى للناس، وذلك كله موجود مثبت في القرآن الكريم كتاب الله عز وجل، وفي ما صح من السنة النبوية المطهرة.
لهذا السبب فالإسلام لم يأتي منافياً للفطرة البشرية القويمة بل جاء متمماً لها، ومحيياً لها بعدما انتكست قبل بعثة النبي محمداً – صلى الله عليه وسلم -، أما ما يحدث أو ما أحدثه علماء الدين ممن يدعون أنهم يتحدثون باسم الله – وهذا واضح من أفعالهم وأقوالهم -، فهم بذلك قد استخدموا هذا الدين العظيم في مآرب أخرى لسلب الناس حيواتهم، عبر استخدام كلمة (حرام شرعاً) فشوهوا معنى الحياة، وكم يعجبني رأي المتنورين من علماء الأمة، أن الحرام فقط هو ما حرمه الله تعالى، وهي معروفة لدى القاصي والداني نوجزها بالمحرمات الأخلاقية كالكذب والغش والخيانة والسرقة والزنا وغيرها، ومحرمات المأكل والمشرب كشرب الخمر وأكل الخنزير، والمحرمات الأخرى كالقتل وإضاعة الحقوق، وبعدها لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمحرم واحد آخر لن يستطيعوا لأن الله تعالى هو صاحب الحق في التحريم، والتحريم انتهى بوقاة الرسول – صلى الله عليه وسلم -، وبانقطاع الوحي الذي كان ينزل بالقرآن.