إنّ الدين عند الله الإسلام ، فكُلّ الأديان السماوية التي أنزلها الله سُبحانه وتعالى أمرتنا بالتوحيد والإخلاص لله وحدهُ لا شريكَ له ، وبأنّه الربُّ المعبود المُنزّه عن كلَ نقصٍ أو عيب ، وهو الآمر الناهي ويكون الخلق كلّهم لهُ مسلمون ، ومن هنا جاء الإسلام كمعنى وروح يُرادُ بهِ الاستسلام والانقياد والخضوع لله سبحانهُ وتعالى ، وهوَ دين الله عزّ وجلّ الذي لا يتبدّل ولا يتغيّر.
وإذا أردنا أن نتحدّث عن الدّين الإسلامي في هذا العصر فهوَ الذي جاء بهِ مُحمّد صلّى الله عليه وسلّم من عند الله سُبحانهُ وتعالى ، في وقتٍ كانت الدّنيا تعيشُ في جاهليّة بهماء ، وفي أجواءٍ صمّاء لا صوت للحقّ فيها ولا سماع ، وكانت الغابة بشريعتها هي الغالبة والسائدة ، كان القويّ يأكل الضعيف ، ويُقتل الرجل بسبب ناقةٍ غلبت أو فّرسِ جازت ، كانت البنت تُدفنُ وهي حيّة ، وكانت الخمر تُشرب في كلّ مكان ، الدماء والحقوق تُنتهك ، فكان الإسلام العادل والنور الساطع لِيُبدّد الظلام ويمسح السواد والشرّ ، فوقت مجيئ هذا الدّين كان بإختيار الله عزَّ وجلّ.
جاء الدين الاسلاميّ مع بعثة النبيّ محمّد بن عبدالله القرشيّ الهاشميّ العربيّ الأمين صلّى الله عليهِ وسلّم ، فكانت ولادة هذا الدّين حين أنزل الله حبريل أمين الوحي عليه السلام بالقرآن وبالرسالة ، حيث كانَ صلّى الله عليهِ وسلّم يتعبّدُ في غار حراء ، وكان سِنّهُ صلّى الله عليه وسلّم قد بلغّ الأربعين ، فقال لهُ جبريل عليه السلام اقرأ ، فقال له النبيّ الكريم صلّى الله عليه وسلّم : ما أنا بقارئ ، فأعادها عليه ثلاثاً حتّى ضمّه أمين الوحي جبريل عليه السلام وقال له : اقرأ باسم ربّك الذي خلق ... سورة العلق ، وكانت هذَه بداية ما يُسمّى بالوحي ، وهذا الوحي هو كلامُ الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم ، وكذلك فإنّ أفعال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأقواله التي دوّنت كأحاديث نبويّة وهيّ السُنّة المطهّرة فإنّها مؤيّدة بالوحي من عند الله سّبحانهُ وتعالى ، فهو لا ينطق عن الهوى.
وحين جاء الإسلام واجهَ عداوة العرب ، وكان ألدّ الناس عداوةً لهذا الدّين العظيم هم أهل مكّة من قريش ، وهم أقارب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، وهذا كان شأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، فترى بعض الأنبياء أنّ ابنائهم قد خالفوهم أو أبائهم ، وهذهِ من سنن الله عزّ وجل في الخلق ، وكان هذا الدّين على الرغم من عداوة الناس له أن جعلَه الله ظاهراً وسادَ الأرض ودانت لهً المشارق والمغارب حتّى أنّ حدودهُ وصلت للفرس شرقاً ولبلاد الروم غرباً ، فسُبحان الله الذي قال عن دينه ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى? وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)).