يطلق لفظ الشّريعة على مجموعة الأحكام والقوانين والتّشريعات التّي يتّخذها النّاس مرجعًا لهم في حياتهم وتعاملاتهم وجميع شأنهم، وقد تكون الشّريعة ربّانيّة أي مصدرها الله سبحانه وتعالى وهذه هي الشّريعة الكاملة التي لا يشوبها نقصان ولا يعتريها خطأ أو نسيان لأنّ مصدرها صاحب الكمال المطلق العالم بما يصلح النّاس في حياتهم وشؤون دنياهم، وهناك الشّريعة الوضعيّة التي يكون مصدرها الإنسان الذي يجتهد من نفسه وبإعمال عقله في تكوين مجموعةٍ من الأحكام والشّرائع والقوانين والتي يراها وفق منظوره القاصر أنّها صالحة لأن تكون مرجعًا للنّاس وحكمًا بينهم في خلافاتهم ومعاملاتهم، وقد عرفت البشريّة ومنذ القدم شرائع من وضع البشر ومنها شريعة حمورابي التي عرفتها بلاد ما بين النّهرين، حيث اشتملت على مجموعةٍ من القوانين التي تنظّم حياة النّاس وتعاملاتهم وأسلوب الجزاء والعقاب وغير ذلك.
وإنّ موقف المسلم اتجاه الشّريعة أنّه يؤمن بأنّ هناك شريعةً قد جاء بها أنبياء الله تعالى جميعًا، وكانت رسالة الإسلام خاتمة الشّرائع والرّسالات التي جاءت للبشريّة جمعاء، ومن ميّزات هذه الشّريعة أنّها شريعة ربانيّة مصدرها الرّحمن جلّ وعلا، وكذلك هي شريعة عالميّة أي أنّها جاءت لجميع النّاس بلا استثناء، وهي شريعة خالدة أي باقية إلى قيام السّاعة ومحفوظة من قبل الرّحمن حين حفظ الله تعالى القرآن الكريم الذي يعتبر دستور الأمّة الإسلاميّة ومرجعها الأساسي. أمّا الشّرائع الوضعيّة التي من صنع البشر والتي يضعها الإنسان بديلًا عن شرع الله تعالى فلا تصلح بحال لما يشوبها ويعتريها من النّقصان والخطأ، فمصدرها هو الإنسان والإنسان قاصرٌ عن فهم نفسه في أحيانٍ كثيرة فكيف يكون قادرًا على فهم ما حوله، وقد ترك الشّرع الحكيم للنّاس مجالًا لوضع قوانين لهم في بعض الأمور الدّنيويّة ولا حرج في ذلك إذا لم تتعارض مع الدّين وإذا لم تشتمل على إباحة الحرام أو تحريم الحلال.
وأخيرًا نقول أنّ على المسلمين الرّجوع إلى منهج الله تعالى وشريعته ففيها صلاح حالهم في دينهم ودنياهم، وقد عبّر سيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه عن ذلك حين قال نحن قوم أعزنا الله تعالى بالإسلام فمهما ابتغينا العزّة في غيره أذلنا الله، كما أنّ إيمان المسلم لا يكتمل بغير الاحتكام إلى شريعة الله تعالى في الحياة، قال تعالى ( فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يحكموك فيما شجر بينهم، ثمّ لا يجدون في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلّموا تسليما ) صدق الله العظيم.