الفرق بين القلب والفؤاد
يستخدم الكثير منّا كلمة القلب والفؤاد وربما لا يميّز الفرق بين كلا الكلمتين وقد يتوقّع البعض أن كلاهما تشيران ?لى نفس المعنى، ولكن آيات القرآن الكريم وبعض الأحاديث النبوية الشريفة جاءت لتبيّن وتوضّح الفرق بين كل من الفؤاد والقلب، فقد وجد في القرآن الكريم الكثير من أوجه ال?عجاز العملي فيما يخص الفؤاد والقلب منذ أربعة عشر قرناً فمن أهمّ التساؤلات التي طرحها البشر هل الفؤاد هو القلب؟
الفرق في القرآن
إن كان كذلك ف?نّ محلّ الفؤاد هو الصدر كتعرف ما هو محلّ القلب ولكنّ الله عزّ وجلّ قال في كتابه: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور}، إذاً ذلك دليل واضح على أنّ الفؤاد ليس محله الصدر فهو غير القلب ويجب التمييز بينهما، وقد بيّنت آيات القرآن والسنّة النبويّة عن إختلاف القلب عن الفؤاد فقد ذكر الفؤاد بعد السمع والبصر دائماً ولكن القلب ذكر قبل السمع والبصر دائماً كما في قوله تعالى: {خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ} وكما جاء في قوله تعالى: {وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}.
جاء ذكر القلب بعد السمع والبصر في قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَـهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُم بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ}، أمّا فيما ذكره الله في سورة القصص فقد كان برهان واضحً يفرق بين كلا من القلب والفؤاد: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} هذه الآية تشير ?لى أنّ ?لقاء موسى في اليم من قبل أمه قد أصابها بصدمةٍ من أثرها عليها أنّها فقدت ذاكرتها وأصبح فؤادها فارغاً، أي بمعنى أنّ الفؤاد قد تعطّل بينما القلب مازال كتعرف ما هو له اليد العيا في القضية.
الفرق في السنّة النبويّة
كما أنّه في السنة النبوية وُجدت أحاديث تبين الفرق بين كلاهما مثل قوله صلى الله عليه وسلم (أهل اليمن أرق قلوباً وألين أفئدة) فقد أشار الرسول بالرقة ?لى القلب وباللين ?لى الفؤاد، حتّى في اللغة العربية ف?ن قلب الشيء يقصد به (لبه)، أمّا الفؤاد فهي من التفؤد، وهذا يوضح أنهما مختلفان تماماً.
الفرق في الأبحاث العلميّة
أشارت الأبحاث العلمية الحديثة أنّ مناطق الفؤاد تكون في المخّ فهنالك ما يسمّى بحصان البحر (شكله مشابه لشكل حصان البحر) وهنالك الزنار والمهاد واللوزة، وكل منطقة من هذه المناطق تتحكّم في نوع من أنواع ال?حساس فالمهاد لل?حساس بالألم، ولحصان البحر واللوزة علاقة بالذاكرة والذكريات، أمّا الزنار فهو لل?حساس بألم الحريق، وتحتوي اللوزة جزء يخصّ العاطفة ومنطقة تحت المهاد هي للغرائز (الجوع والعطش...)، وجميع تلك المناطق السابقة تمثّل الفؤاد، كما أثبتها القرآن الكريم والسنة النبوية وقامت ب?ثباتها البحوث العلمية أيضاً، ويبقى القلب الذي محلّه الصدر هو المسؤول عن الجوارح، ف?نّ السمع والبصر والفؤاد هي من أدوات القلب وهي ليست القلب بذاته فكلاهما مختلف ووضائف كلاهما مختلفةٌ ولكنهما كباقي أعضاء الجسم تكمل بعضها البعض لتقوم بكامل مهامها على أكمل وجه.