مقدمة
اشتهرت الأم العربية بإعدادها أصنافاً بمختلف الأشكال والألوان رغبةً منها إرضاء أبنائها بمختلف أذواقهم، وكانت الأطباق التي تعدّها الأم هي المحفّز على الدوام لبقاء الأسرة ملتحمة حول نفسها على الدوام، فلا يمكنك أن تتخيل مثلاً يوم الجمعة بدون لمة الأهل والأحبة حول سفرة طعامٍ واحدة، تسكب الأم لكلّ من عليها، ويتبادلون خلالها أطراف الحديث، ويشعرون أنّهم بين أيدي أمينة، وهناك من يحبهم ويهتم لرغباتهم، وبقى الطبق العربي هو أشهر الأطباق على مستوى العالم، ليس لمذاقه الرائع فحسب، بل وشعور آمن الأفراد بالحنان النابع حول هذه السفرة التي تعد بقلب طيب وراضٍ عمن في البيت جميعاً، ولا يمكننا أن ننسى الجدة التي كانت تدعونا في الصباح الباكر لنجلس بجوارها، وتطعمنا أشهى المأكولات، ومن أشهرها منقوشات الزعتر مع الزيت والبيض المسلوق مع الحليب، كل هذه الأطباق تركت لنا في الذاكرة أفكاراً وأحلاماً بأن نبني لأسرتنا جوا ًرائعاً كما كانت تصنع الجدة مع أحفادها بكل حب ووئام.
مسقعة الباذنجان
الباذنجان من أشهر الخضروات التي عرفت في جميع أنحاء العالم، فهي معروفة منذ القدم وكان الإنسان يميل إلى طهوها بأكثر من طريقة وفي كل الأوقات كان الباذنجان موجوداً سواء في وجبات الإفطار أو الغذاء أو العشاء، والناظر إلى الأكلات الشعبية التي عهدناها منذ القدم نرى الباذنجان موجوداً في كل الطرق ووصفات بشكلٍ لا يصدق على الإطلاق، وموضوعنا سيدور عن تحضير مسقعة الباذنجان، وهي طبخة معروفة في وطننا العربي دون غيرها، يكون الباذنجان المكوّن الرئيسي فيها.
تحضير مسقعة الباذنجان
ولتحضير مسقعة الباذنجان يجب أن تعرف أن المكون الرئيس لهذا الطبق هو الحمص مع الباذنجان، وأن الباذنجان يجب أن يكون منقوعاً قبل فترة ليست بالبسيطة في الملح، حتى يتخلص من المرار أو السواد إن وجد، ولتحضير طبق المسقعة يرجى اتّباع التالي:
المكوّنات:
- كيلو ونصف من الباذنجان.
- نصف كيلو حمص.
- نصف كوب زيت الذرة أو زيت القلي أو الزبدة حسب الرغبة.
- معلقتين كبيرتين من الصلصة.
- ثلاث حبات بندورة كبيرة.
- نصف كيلو لحم مفروم فرماً ناعماً.
- ملح، وفلفل أسود، وكزبرة أو بقدونس حسب الرغبة.
طريقة التحضير:
- بعد أن تقومي بتجهيز المقادير حاولي أن تستغلي الباذنجان الصغير، وابتعدي عن حبات الباذنجان الكبيرة لأنها في غالب الأمر تكون مرة الطعم من الداخل، وبعد أن تختاري الباذنجان ابدئي بتقطيعه لشرائح صغيرة بعد أن تقومي بتقشير الكمية الموجودة لديك بالكامل، وبعد ذلك اعمل على نقعها في الملح واتركها جانباً.
- بعدها ابدئي بتسخين الزيت، ثم أضيف الزيت إلى الحلة، واتركه حتى يحمى قليلاً، وبعدها ابدأ بسكب الباذنجان فيها، وانتظره حتى يتحمر من الجانبين، وبعدها قومي بتصفيته من الزيت، بتركه مدة ربع ساعة في المصفاة.
- قومي بنقع الحمص في الماء الساخن لمدة عشر دقائق، وعندها يصبح جاهزاً للتحضير.
- اختاري قِدراً كبيرة الحجم، وابدئي بسكب الزيت بداخلها، ثم قطعي حبة البصل إلى قطع صغيرة أو شرائح حسبما تريدين، وبعدها قومي بوضع الصلصة في الحلة، وحركيه مع البصل، وبعدها اسكبي نصف لتر من الماء، وعندما يبدأ بالغليان حاولي أن تتركيه قليلاً على نار هادئة، وعندما تشعرين بأن الصلصة قد بدأت تسمك ضعي الحمص داخل الحلة واتركيه حتى يغلي مع الصلصة.
- في هذه الأثناء قومي بترتيب الباذنجان المقلي في صينية الفرح بحيث تغطي الكمية كل حواب الصينية، وبعدها قومي اللحم المفروم فوق شرائح الباذنجان الأرضية، ثم قومي برص طبقة أخرى من الباذنجان تليها طبقة أخرى من اللحم المفروم المشوح في الزيت قبلاً مع البصل والثوم والفلفل الأخضر والفلفل الرومي ثم أضيفي الملح والفلفل الأسود عليها، واسكبي فوقها مرقة الصلصة، وضعيها في الفرن لمدة لا تقل عن نصف ساعة حتى تتحمر وجه الصينية، وبعدها قومي بإخراجها من الفرن، وقدميها مع طبق من السلطة والأرز المفلفل والمخللات، وبالهناء والشفاء،
وهناك من يستخدم الكوسا إلى جانب الباذنجان في إعداد طبق المسقعة، ولكنها من الحالات النادرة التي لا يمكن أن تعمم بين الأفراد.
أشهر الأطباق العربية
عند الحديث عن الطعام، لا مانع لدينا أن نذكر بعض الأطباق العربية التي نالت شهرة واسعة وأصبحت في المقام الأول والأخير، حتى أن السياح عندما يفدون إلى الشرق الأوسط لا يبحثون عن أطعمة أجنبية وإنّما يفضلون تذوق الأطعمة العربية المشهورة بنسبة الدسم الكبيرة الموجودة بها، وطعمها المفعم بالحب والشوق، ومن أهم هذه الأطباق الملوخية وهي طبخة مشهورة جداً اشتهرت بين جميع أطياف المجتمع العربي، يفضلها الصغير قبل الكبير، ويحب تذوقها كل من في المنزل، فهي لذيذة الطعم حقاً، كما أن إعدادها لا يتطلب أي مجهود من الأم على الإطلاق، كل ما في الأمر أن تقوم بقطف أوراقها وينتهي العمل فيها فيما بعد، وهناك أيضاً البامية والفاصوليا، والباذنجان المقلي أو المشوح على النار مع الخل والثوم والفلفل الأحمر، وكل هذه الوجبات ارتبطت بشكل وثيق بالعرب وحدهم، حتى أصبحت وساماً لهم في مختلف أنحاء العالم، حتى أن المغترب عن وطنه يميل في الغالب إلى زيارة المطاعم العربية باحثاً من خلالها على الحنين والمذاق اللذيذ وخلافه.
لعلّ الوافد إلى أراضينا العربية قد لمح التطوّر الحاصل في أساليب الطعام، فقد استطاع الشيف العربي أن يرسم ملامح الجودة في جميع الأطباق التي تقدم، وكان الفضل في تعليمه ذلك راجعاً إلى خبرات الأم والجدة العربية على وجه العموم، ومن أجل ذلك وجدنا أن الحنين يبقى ولا يزول بزوال الطبق أو الانتهاء من تناوله، فكم من الأطباق التي ارتبطت في الذاكرة بحدث أو حوار حدث بيننا أثناء اجتماعنا في الصغر أو حتى في فترات الشباب، ولا عجب عندما نتذكر الطعام أن نرجع بالذاكرة إلى ما كان يقدم لنا منذ الصغر.
إنّ الاهتمام بهذه الأطباق على وجه الخصوص يجعلك تشعر بعربيتك أكثر من أي أمر آخر، كما أنها تمنحك الشعور بأن الطعام الذي يقدم لك كفيلا بأن يمنحك الشعور بالأمان والراحة، فلا عجب أننا نجتمع عند تناول الطعام، وذلك حتى تكون هذه الأطباق شاهدة على حياتنا في المستقبل، فلا تعطينا إلا دافعا من الأمل بأن الجمعة التي نحصل عليها في بيت العائلة لا يمكن أن يضاهيها أي جمال، وأنّ كل شيء من الممكن أن يختفي وتبقى الذكرى الجميلة المرتبطة بالطعام هي الأبقى من وقت لآخر، وبحديثنا عن أبرز ما يمكن أن نشعر به، لا بدّ لك أن تسأل مغترباً عن أسرته يتذوق أشكالاً وأصنافاً مختلفة في أشهر المطاعم العربية أو الأوروبية، وفي قرارة نفسه لا يحنّ إلا لطعام يجمعه في بيته وحول مائدته.
وختاماً فإن الأطعمة تختلف طرق ووسائل تحضيرها من بيت لآخر، ولو أرادت الأم أن تبتكر طرقا بنفسها، فقد يساعدها ذلك في الوصول إلى الأطعمة التي تريد بالطريقة التي تناسبها، وبدون أي قيود أو أي تعامل مع المقادير كما يحدث بصفة عامة في المطابخ الشرقية التي لا يخرج منها إلا كل طيب ولذيذ، مهما اختلف الطرق ووسائل وتعددت المقادير.