هارون الرشيد
سطّر التاريخ الإسلامي الكثير من المسلمين القادة الذين تركوا أثراً كبيراً في الإسلام، وتركوا مثلاً رائعاً في القوة، والشهامة، والعدل، والمساواة، ورجاحة العقل، وغيرها الكثير من الصفات المحمودة، ومن هؤلاء القادة العِظام الخليفة هارون الرشيد، فمن لم يسمع بالخليفة القائد هارون الرشيد، سنتحدّث اليوم عن هذا القائد بشيءٍ من الاختصار لأنّ سيرته تحتاج إلى المجلدات لإفائها حقها.
ولادته ونسبه
هو هارون بن المهدي بن محمد بن المنصور بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي العباسي، حيث وُلِد في منطقة الري عام (184) للهجرة، وولدته هي أم ولد وتسمّى الخيزران.
حياته وصفاته
لقد كان هارون الرشيد منذ الصغر يمتاز بالشجاعة والقوة ممّا جعل والده يوليه قيادة الحملات أثناء عهده، ولم يتجازو عمر هارون الرشيد في ذلك الوقت عشرون عاماً، وقد تولّى الخلافة في يوم السبت في السادس عشر من ربيع الأول من عام (170) للهجرة بعد وفاة أخيه موسى الهادي، وقد كان عمره في ذلك الوقت خمسة وعشرون عاماً.
اتسم هارون الرشيد إلى جانب الشجاعة والقو ةبالأدب، والفصاحة، ورجاحة العقل، والعلم، وعند توليه للحكم كانت الدولة العباسية منتشرة على مساحات كبيرة من الأراضي لذلك كان لا بد من وجود قائدٍ ناجح ليحميها من الفتن والانقسام وكان هارون الرشيد كذلك.
ازدهرت الدولة العباسية في حُكم هارون الرشيد ّ العلوم والفنون والآداب لأنّه كان يحب العلم والأدب وكان يتذوّق الشعر، وقام بإنشاء بما يعرف ببيت الحكمة في بغداد، ورفدها بالكثير من الكتب والمؤلفات من مختلف مناطق العالم، وقد استطاع السيطرة على ثورات الخوارج وقضى عليها، كما استطاع اخماد الفتن الداخلية التي كانت تحدث في البلاد بين الفترة والأخرى مطالبةً بالاستقلال، وقد كان معروفاً عن هارون الرشيد كثرة الصلاة والعبادة؛ فقد كان يصلي مئة ركعة يومياً لم يتركها طوال فترة خلافته.
عائلته
تزوج هارون الرشيد من ابنة عمه زبيدة بنت جعفر، وتزوج بنساءٍ أخريات منهن أمة العزيز، وأم محمد ابنة صالح المسكين، وعزيزة بنت صالح، حيث أنجب عشرة أبناء واثنتا عشرة بنتاً.
وفاته ومكان دفنه
كان هارون الرشيد مؤمناً ويعلم أنّ نهاية كل إنسان هو الموت، وقد رأى في منامه رؤيا أن كفاً بها تربةً حمراء وهناك من يقول له أنّ هذه تربة أمير المؤمنين، وعند مسيره إلى خرسان مرّ بطوس فشعر بالمرض فيها، فقال لخادمه أن يأتي بالقليل من تراب هذه المنطقة، فجاء بترابٍ أحمر، فلما رآها هارون الرشيد علم أنّ وفاته ستكون في هذه المنطقة، فأمر بحفر قبرٍ له وأن تقرأ فيه ختمةً للقرآن تامّة، ثم حملوه ليرى القبر وجعل يقول: هنا تصير يا ابن آدم! وأخذ يبكي، ثم توفي بعدها بثلاث ليالٍ.