تعتبر العراق أحد الدول المتجذرة في أصولها وعراقتها في التاريخ الإنساني، فقد مرت فيها العديد من الحضارات التي اعتبرت متقدمة في عصورها والتي كان لها أثرٌ كبير في تطور الحضارة الإنسانية، فتعدّ كل مدينة من مدن العراق أعجوبة في العراقة الحضارة الإنسانية والثقافية، ومن إحدى هذه المدن الشهيرة هي بغداد عاصمة العراق التي تعدّ ثاني أكبر المدن في الوطن العربي من بعد القاهرة، بالإضافة إلى كونها المركز الاقتصادي والإداري لدولة العراق.
وترجع أصول العاصمة بغداد بحسب ما أشارت الآثار إلى العصر الأشوري، وتمّ اختيارها فيما بعد لتكون عاصمة الدولة العباسية وهذا لموقعها الاستراتيجي الذي يتوسط المدن العريقة في العراق، فتمّ بناء العاصمة بغداد في عام 762م إلى عام 764م فكان اسمها الزوراء، وكانت في ذلك العصر عاصمة للدولة الإسلامية التي كانت تمتد من شرق الأرض إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، فكانت عاصمة الدنيا، فتم بناؤها من قبل الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور والذي أطلق عليها مدينة المنصور، وكان من حول المدينة أربعة أبواب هي: باب خراسان الذي كان يطلق عليه باب الدولة، وباب الشام، وباب الكوفة، وباب البصرة.
وكانت بغداد التي بناها أبو جعفر المنصور قد بلغت قمة زهوّها وتألقها في عهد هارون الرشيد الذي امتدت في عهده الأبنية والعمران فاتسعت رقعة بغداد اتساعاً كبيراً، أمّا في عهد المعتصم بالله فقد انتقل مركز الدولة العباسية إلى سامراء التي أصبحت عاصمة الدولة العباسية.
أمّا فيما بعد وعند ظهور المغول والتتار في البلاد بقيادة جنكيز خان، حاصر التتار بغداد لمدة طيلة إلّا أنّها صمدت تحت قيادة المستعصم إبن الخليفة العباسي المستنصر في ذلك الوقت، ولكن الفيضانات التي حدثت فيما بعد أدت إلى انهيار دفاعاتها وتقليل ثقة المواطنين بها، ممّا أدى إلى انهيارها في نهاية المطاف في عام 1258م تحت يدّ المغول بعد أن أرسل التتار قوة كبيرة جداً بقيادة هولاكو حفيد جنكيز خان الذي طوّق المدينة وأٍقطها تحت يدّ المغول والذين دمروا معظم مدينة بغداد وقتلوا مئات الآلاف من سكانها.
ومن ثم أصبحت المدينة تحت حكم التركمان حتى عام 1509م إذ أصبحت تحت حكم الصفويين، فبقيت تحت سيطرتهم حتى انتزعها منهم العثمانيون لفترة وجيزة عاد بعدها الصفويون مرة أخرى، ومن ثم سيطر العثمانيون عليها مرة أخرى إلّا أنّها كانت فعلياً تحت سيطرة المماليك وحكمهم حتى أتى الانتداب البريطاني الغاصب وسيطر عليها في عام 1917م.
