الحمد لله الذي خلق الإنسان في أحسن خلْق وجمَّله بأحسن صورة ،وكرّمه على جميع خلقه بالعقل ، وأنعم عليه بالحواس ، وجعله احسن وأفضل مخلوق على وجه الأرض، أعطاه القُدرة على العيش والتعايش مع الآخرين في هذا الكون الواسع بأطيافه وتنوِّع موجوداته ، وسخَّر له الكوكب وما عليه من مخلوقات لخدمته والقيام على مصالحه وقضاء حوائجه ، ولا شكّ أن قُدرات هذا الإنسان متفاوتة من شخص إلى آخر ، حيث أنه لكل شخص صفات وسمات تُميزه عن غيره ، وما يُهمنا هنا هو الصِفات الشخصيّة والأبعاد النفسية لهذا الإنسان .
فالإنسان ؛ هذا المخلوق الكريم المكرَّم هو جسدٌ أحسنه الله خلْقاً ، وهو نفس وروحٌ مطهّرة نفخها الله في أبيه آدم ، فهي نفس حريٌّ بنا أن نعلم خفاياها ، وهي من الشأن بمكان أنْ تفرّدت بها العلوم وأبحر في سبر أغوارِها العلماء ، حتى وضعوا لها المصنّفات وكتبوا فيها المجلدات العِظام . لا يَخفى على أحد أن نفس الإنسان ترتقي إلى أعلى درجات أو تنحط إلى أسفل الدركات، وكل هذا بيد صاحبها ، وكيف يُدير هذه النفس التي بين جنباته ، من أعظم ما يَعتري هذه النفس من كَدَر هو عدم الشعور بالثقة ، فكيف يتولّد هذا الشعور وكيف نُعزز ثقتنا بأنفسنا وذواتنا . من أهم طُرق بناء الثقة في النفس :
- يجب أن يحمد الشخص الله على النعم التي أنعمها عليه ، ويجب أن ينظر إلى نفسه وخلْقِه واثقاً أنّ الله أعطاه من الخواصّ ما ميّزهُ عن غيره ، ويجب أنْ تتولّد لديه الثقة بأنه يحظى بما يحتاجه في هذه الحياة .
- بعد أن ينظرالشخص إلى نفسه بإيجابية ، عليه الإنتقال بالنظرة الإيجابية إلى العالم الذي حوله ، وأن يقتنع بأن كل شيء مسيّر لخدمته – بما يُرضي الله – ، وأن يبدأ العمل بجدّ وإجتهاد ، وأن يُكافئ نفسه على كل عمل ناجح يقوم بهِ ، ولو بأبسط الأشياء ، وأن لا يقِف عند العمل الذي لم ينجح به ، وإنما يتّخذَه نقطة للإنطلاق نحو النجاح ، ويبتعد عن إستخدام كلمات وعبارات الفشل وما شابه في قاموسه الشخصيّ ، ويثق بأنه لا يكون هناك نجاح دون تجارب سابقة لم تنجح ، فكم من عالِم ومخترع دخل التاريخ من أوسَع أبوابه من خلال تجارب عديدة خاضها ولم تنجح ، لكنها لم تكن عقبة أمامه وإنما قادته إلى ما وصل إليه من علم وخبرة تراكمية مكتسبة ، فمن أساليب التجربة ما يُعرف بالتجربة والخطأ ، وهذا أمر لا يُعيب وإنما دافع نحو النجاح والتقدّم ، إذن عليه أن يبتسم وينطلق من جديد عند كل نقطة يقف عندها .
- يجب أن يعلم الشخص أنّ الناس يُشاهدون ما يَصدُر منه ؛ أي أنّه إذا إعتادَ أن يَظهر بإيجابية ونفسية مشرقة واثقة تنبع من داخله ، خرجت عندها هذه الإشعاعات والطاقة الإيجابية إلى الناس، ونظروا إليه بنفس الطريقة التي ينظر بها هو إلى نفسه .
وأخيراً ، حين تستعيدْ الثقّة بالنفس ، تذكّرْ أنها طاقة تدفعك الى الأمام نحو مستقبل مشرق ، ولكن حذارِ أن تتحول بك الى غرور ، فبين الثقة والغرور خيط دقيق .
