تحقيق الذات هو غاية كل إنسان، يمتلك طموحاً يستخدم عقله و ملكاته الدفينة، حيث إن تحقيق الذات يعني بمعنى أو بآخر الوصول إلى الذات و تحقيق أشواق النفس و تطلعاتها التي قد تكون بارزة للعيان ظاهرة للناس من خلال التصرفات و الأفعال و الأقوال او أنها تكون بين الإنسان و نفسه فقط ، فلا يدري أي إنسان بها ، و هذه التطلعات هي تطلعات مشروعة، بل واجبة و ذلك حتى لا تذهب نعمة الحياة سدى.
تحقيق الطموحات و تلبية تطلعات النفس ليس بالأمر الهين أو السهل بل هو عمل شاق مضنٍ، قد يأخذ الحياة كلها برمتها. و لكن يجب أن يكون هناك منهجية متبعة حتى تتحقق ذات الإنسان، إذ إنه لا يوجد شيء غير خاضع لمنهجية خاصة، و قد تكون الخطوة الأولى بل و ربما الأهم هي معرفة الذات أصلاً. فالذات هي ما ولدنا عليها يوم ولدنا و نشأنا، و أول شيء يتوجب علينا فعله لاكتشافها هو تعريتها من كل زائف علق بها واعتقدنا أنه جزء من ذاتنا، و هذه الأشياء كثيرة جداً يحددها كل شخص بشكل منفرد، عندما يجلس مع نفسه و يحاول تجريد ذاته من كل شئ حتى تبقى وحيدة ساطعة متلألأة.
بعد تحديد الذات ، يتوجب معرفة الشيء الذي نحبه و الشيء الذي نكرهه، الشيء الذي تطمح إليه و الشيء الذي تنفر منه، الشيء الذي يثريها و الشيء الذي يستنزفها كل هذه الأمور لا بد على الإنسان من أن يعرفها و أن يحققها بدقة بالغة حتى يستطيع الوصول إلى نقطة يلبي فيها طموحاته الشخصية و تطلعاته المستقبلية.
بعد ذلك تبدأ رحلة السعي، وهذه الرحلة يجب أن تكون مدروسة بعناية شديدة، فالقطار يأتي مرة واحدة ولن يعاود الرجوع بنا إلى المحطة، فهو لن يتوقف إلا عندما يصل إلى المحطة النهائية، لهذا فكل ما توصلنا إليه بشأن ذاتنا يجب علينا أن نحمله معنا في القطار، كما لا يجب أن نضعه في المكان المخصص للحقائب، بل على العكس يتوجب ان تبقى هذه النتائج في حقيبتنا التي بين يدينا وذلك حتى لا تضيع منا، فإن حصل و ضاعت او سرقها غيرنا منا ، سنكتشف أن كل شيء قد ذهب هباءً منثوراً و أننا قد فقدنا هذه الفرصة الثمينة التي لم نحس استغلالها جيداً في الحفاظ على هذه النعمة الكبيرة و العظيمة.