كثيراً ما نجلس مع صغارنا نتحدّث عن أمنياتهم و تطلّعاتهم ، فتراهم و بكلّ براءةٍ يعبّرون عن ذلك بأمنياتٍ هي أقرب أحياناً إلى الأحلام المستحيلة ، و قد تكون مشروعةٌ قابلة للتّطبيق ، فترى أحدهم يتمنّى لو يصبح طياراً ، و الآخر يتمنّى لو يكون شرطيّاً أو طبيباً ، ثمّ يتقدّم العمر بهؤلاء الأطفال ليتذكّروا أمانيهم و يطابقوها مع واقع حالهم ، فيراجعوا أنفسهم و يتساءلوا هل تحقّقت تلك الأماني أم لا ، و لا شكّ بأنّ تحقيق الأمنيات لا يأتي بمجرّد التّمني و الحلم و إنّما يتأتّى بالعمل الدؤوب و الجهد النّافع الموصول حتّى الوصول إلى الهدف المنشود ، فما الطّرق التي تؤدّي الى تحقيق أماني الإنسان و تطلّعاته في الحياة ؟ . الإيمان بأنّ كلّ هدفٍ في الحياة قابلٌ للتّحقيق ما لم يكن ضرباً من الخيال و الأحلام ، فأماني الإنسان يجب أن تكون على درجةٍ من الواقعيّة حتّى يستطيع الإنسان تحقيقها ، فإذا أدرك الإنسان ذلك سعى بكلّ ما أوتي من قوةٍ و عزيمةٍ لبذل الجهد و التّعب لتحقيق تلك الأماني ، مع الإيمان بقدرة الذّات على القيام بهذه المهمّة .
الإيمان بضعف النّفس البشريّة و نقصانها ، فالإنسان و مهما أخذ بما هى اسباب القوّة و الإرادة فإنّه مفتقرٌ إلى ربّه ، فلا يظننّ أحدٌ من النّاس أنه قادرٌ على تحقيق أمانيه بدون توفيق الله و إرادته ، فإرادة الله تعلو على إرادة البشر ، و ها هو سيّدنا موسى عليه السّلام لا يتغترّ بقوته حين سقى للفتاتين اللتين وردتا ماء مدين لجلب الماء ، فقد تولّى بعد أداء تلك المهمّة ليظهر لله سبحانه و تعالى أنّه مفتقر إلى رحمته و توفيقه دائماً ، و أنّه لا حول له و لا قوة إلا بالله .
الدّعاء ، فالدّعاء هو مخّ العبادة و جوهرها ، و هو ديدن المتّقين و ملجأهم حين تتدلهّم بهم الخطوب ، و تقف أمامهم عثرات الدّروب ، و بالدّعاء تتحقّق أماني الإنسان ، فالله سبحانه و تعالى يحب أن يسمع صوت عبده المؤمن و هو يدعوه ، و قد تكفّل الله سبحانه و تعالى له بتحقيق دعائه إذا دعا ربّه بيقينٍ و عزيمةٍ و إيمان ، و لم يصدر دعاءه من قلبٍ لاهٍ عابثٍ غفلان .