مقدمة
حياة الإنسان هي انعكَاس لطريقة تفكيرُه، سواء كانت هذه الطّريقة سلبيّة أو إيجابيّة، وأفكارُه هي إنعكاس عن تصّوراته، وهناك تطابُق مُباشِر بين طريقة تفكير الإنسان وتصرُفاته تِجاه مُختلف الأمور والمواقف التي يتعرّض لها، فالأفكار السّلبية تترُك أثرها السّيء وكثيراً ما كانت هذه الأفكار سبب في تضييع الفُرص الذّهبيّة في حياة الإنسان، ومانِعاً من أنْ يتولّى الإنسان زِمام نفسِه ويمضي قُدماً لتحقيق أهدافِه، فالفِكر السّلبي يضّخ معهُ كمية منْ اليأس قادِرة على السّيطرة على حياة الإنسان بشكل عجيب، وغالباً ما يُسيطر هذا التفكير على نمط حياة الإنسان ويسرِق منها لذّة السّعادة وراحة البال.
ونستطيع توضّيح مفهوم وتعريف ومعنى التّفكير السّلبي ببساطة إنّه التشاؤم، وتقدير النتائج السّلبية مُسبقاً مما يمنع الإنسان من الإقدام على البدء بعمله، لأنّه ببساطة قدّر لنفسه الفشل مُسبقاً وتوقّع أسوأ النتائِج قبل البدء بمُباشرة العمل أياً كان نوعه، وهنا تكمُن أهمية وفائدة أنْ يسعى الشّخص لتحويل أفكارِه السّلبية لأفكار إيجابية، وتحويل التّشاؤم إلى تفاؤل.
ما هى اسباب التّفكير السّلبي
- من أهم ما هى اسباب التّفكير السّلبي هو ضعف الثّقة بالنّفس، والإحساس بالعجز الدّائم، وغالباً ما تنتج ضعف الثقة بالنفس من الانسِياق وراء المُؤثّرات العاطِفيّة والانفعاليّة، فكُلما كانت شخصيّة الفرد قويّة وكُلما كان واثِق من قُدراتِه وشخصيتِه كُلما عكس ذلك أثرُه الجيّد على تفكيره الإيجابي، وكُلّما كانت شخصيتُه مهزوزة وضعيفة كلما كانت أفكارُه سلبيّة مُتشائِمة.
- من المُحتمَل أنْ ينشأ الفِكر السّلبي نتيجة لموقف أو حالة مرّ بها الشّخص خلال حياتِه تركت لديه ذلك الانطباع السيء والتفكير السّلبي مثل: تعرضهُ للانتقاد والتّهكُم أمام الجميع.
- الحساسيّة الزّائدة في التّعامُل مع المواقِف المُحرِجة تُولّد فِكراً سلبياً.
- ترسُّب المواقف السّلبية لدى الشّخص مُنذُ الصّغر.
- عقدْ المُقارنة بين الشّخص وبين أقرانِه في نفس العُمر أو التخصُص، مع تجاهُل مَواطِن القُوة الشّخصية لديه.
- التركيز على مناطِق الضَعف، وعدم التّركيز على تطّوير مناطِق القوة.
- تضخيم الأمور الصّغيرة وجعل مِنها مَشاكِل مُعقدّة تترُك أثرها النفسّي السّلبي.
- البُعد عن المُشاركة الاجتماعية، والاندماج في المٌجتمع.
- الفراغ الفِكري وما يُولدهُ من شُحنات فكريّة سالبة، فعدم وجود هدف واضح يُتيح المجال للأفكار السّلبية للنمو والتكاثُر، فالفراغ يخلق بيئة خصبة لزيادة الأفكار السّلبية.
- الأصدقاء السّلبيون المُتشائمون، الذين يقومون بالتّأثير على تفكير الشّخص، خاصّة وإنْ كان سريع التأثُر بكلام الآخرين.
- الخوف والقلق الدّائم، والتّفكير في مُستقبل يسودُه الصُعوبات والمشاكل.
- الاكتِئاب النفسّي والانعزال عن البيئة المُحيطة.
- التأثّر من البيئة المُحيطة بشكل مُفرِط، فِمن الطبيعي أنْ يتأثّر الشّخص بالبيئة المُحيطة، ولكنْ عندما يُصبح هذا التأثِير بشكل ملحوظ وبصُورة مَلموسة تكمُن المُشكلة، فهُناك أشخاص يتأثّرون ليس فقط بمشاكِل من حولِهم لا بل يتعدّى ذلك إلى التأثُر بالأفلام السّلبية والكُتب والمقالات التي تحمِل طابِع التشاؤم.
طَرق التخلُص من التّفكير السّلبي
- أهم ما في الأمر تنميّة الثّقة بالنّفس ونزْع الزَعزعة، ويتّم ذلك عن طريق تأمُل الذّات وتقدير المُواهِب التي أعطاه الله سبحانه وتعالى لكل مِنّا، فكُل شخص يتمتّع بمميزات تُميّزه عن غيره، ويكمُن السّر هنا عن طريق التّركيز على الصّفات الشّخصية الإيجابيّة، والنّظر بصورة جديدة للصّفات السّلبية ومُحاولة القضاء عليها.
- مُخالطَة أشخاص إيجابيين وخلق بيئة إيجابية تُساعدك على أنْ تبدأ في تفكيرك الإيجابي.
- التوازُن النّفسي والعاطِفي أمر ضروري، ويُمكِن الحُصول عليه عن طريق الاسترخاء والرّاحة.
- راقِب أفكارك فأنت بذلك تُراقب أسلوب حياتِك، حاوِل أنْ تُقصِي كل فِكر سلبي، واترُك مجالاً واسِعاً لأفكارِك الإيجابيّة.
- لا يُمكن للشخص أنْ يُفكّر بالشيء ونُقيّده بنفس الوقت، فلا يُمكن التّفكير بالرّاحة والشّقاء، ولا بالنّجاح والفشل، ركّز أفكارك على النّاحية الإيجابية في كل المواضيع.
- التّفكير الإيجابي يُمكن أنْ يُدرس، فمن المُمكن أنْ تحصُل على مهارات التّفكير الإيجابي من خلال دورة تدّريبيّة تكسب من خِلالها مزيدا من العِلم والثّقافة في هذا المجال.
- إيّاك والانطواء الذّاتِي والعُزّلة فهي تُشّكل بيئة خصبة للتشّاؤم.
- ميّز بين الحقيقة والخيال، ولا تُوهم نفسَك بنتائج صحيحة في حين أنّها لم تكتمِل بعد.
- سيطِر على غضبِك ولا تنفعِل، حتى لا تتخّذ قرارات مُتسرّعة تتسبّب لك بالنّدم وتقييد أفكارِك.
- اعتمِد على إرادتِك القوية، فالفرق بين الإنسان النّاجح والإنسان الفاشِل يتمثّل في الفرق بالإرادة، فمَن مَلك الإرادة القويّة والطُموح العالي مَلك القوة ومنْ فقدَها استسلم وقال (لا أستطيع).
- اعتني بحديقتِك، فيُمكننا هنا تشبيه العقل بالحديقة التي يتوجّب علينا الاهتمام بها وزِراعتِها باجمل وافضل الأشجار والزُهور، ولكنّ ذلك لا يكفي فلِكيْ تنمو تلك النّباتات الجميلة لا بُدّ من إزالة كُل العُشب الضّار من حولِها، حتى تتمكّن من النّمو نمواً صحيحاً.
- كنْ مُستعدّاً للحظْ السيء في اى وقت، ولتكون فكرك الناضج عن مواقف الحياة المُختلفة.
- اقضي على الفيروسات التي تُهاجِم عقلك، فكلمات وعبارات مثل: لا أستطيع، ليس الآن، لقد فات الأوان، مُستحيل، كلمات وعبارات من شأنِها أنْ تُضيّع عليك الفُرص، إنْ لم تُسارِع بالقضاء عليها والتخلُص منها.
- بحر الأحلام واسِع ، فلا تبخَل على نفسِك واسبَح في بحر الأحلام، واجعل طُموحَك على قدر أحلامِك، وافتح المجال لحُلمك لكي يُجدِد حَماسِك ويُشعلُه للعمل.
- اجعل من الماضي درساً تتعلّم منهُ، ولا تقِف طويلاً للبُكاء على الأطلال.
استراتيجيّة الأوتوجينك
هي منْ أهم الاستراتيجيات التي تُساعد على التفكير الإيجابي، ومنْ أول البلّاد التي استخدمت هذه الاستراتيجية هي اليابان، وقامت بتطبيقيها على الفِرق الإداريّة، وتعتمد هذه الاستراتيجيّة على الإيحاء (التنّويم بالمغناطيس)، والعِلاج بالطّاقة البشريّة وأصبحت بعد ذلك تُستخدَم كعلاج، فكانت بداية استخدامها لدى لاعبو كُرة القدم والتّنس، ثم بعد ذلك استُخدِمت في المجالات الإداريّة المُختلفة، حيث يقوم الشّخص بالجُلوس بمكان هادئ بعيد عن الضوضاء، ويرتدِي ملابس مُريحة، ويحضر معه كأس من الماء مملوء إلى النصف، وتبدأ الطّريقة بأنْ يُفكر الشخص بتحدّي موجود بحياتِه ثم يقوم بكتابة الما هى اسباب التي وجدت ذلك التحدي، وكتابة المتاعِب التي تُسبب فيها هذا التحدّي، وبعد ذلك يقوم بكتابة الهدف (الطريقة التي سوف يتبّعها لإزالة هذا التحدي)، ثم اكتب الشخصية التي سوف تعتمدُها لتحقيق هذا الهدف والمهارات التي تُريد أن تُطوّرها للوصول إلى تلك الشخصيّة مثل: اللّباقة في الكلام، أو التحدُث أمام جمهور وغيرها، يبدأ الشخص بشُرب كمية من الماء والتنّفُس عبر الأنف ببُطء، بقانون (824) أي أنْ يأخُذ نفس من الأنف بمقدار 4 أرقام ويملأ به رئتيه، ثم يحتفِظ به مقدار رقمان، وبعدها يزفُر مقدار 8 أرقام أو أكثر، فكُلما زادت مُدّة الزّفير كلّما تمتّع الشّخص باسترخاء أكبر.
وبعد ذلك عليه أن يُغمض عينيه ويتخيّل نفسه في المكان الذي يتمنّاه، بكل تفاصيل المكان والأثاث والإحساس الذي سوف ينتابُه حين يصل إلى ذلك المكان، ويُكرر الشخص نفس الأمر حيثُ يقوم بشُرب كمية من الماء والتنفُس بنفسِ الطّريقة وإغماض عينيه، ويُكرر الأمر للمرّة الثالثة مع إضافة المزيد من الأحاسيس. وبذلك تستطيع إقناع و ماسك اللاوعي بهدفك، فيُساعدُك على تحقيقه عن طريق فتح الملفات المُعقّدة والسّير نحو الهدف، وعند تِكرار التّدريب لأكثر من مرة يُساعد ذلك على إقناع و ماسك اللاوعي، والوصول إلى الهدف.