الخيال
يعرف الخيال على أنه كل شيء لا يقر به عقل الإنسان في مجال الرؤيا، وهو لا يكون في تصور هذا العقل من عمق المعرفة للشيء الذي لا معالم تحدد وجوده. يعتبر الخيال أحد أنواع الأدب الذي يسعى إلى اختلاق عدد من الأحداث التي توصف عادة بأنها لا تمت بأي صلة للحياة الواقعية وأنها غريبة، وينتشر هذا النوع غالبا في الروايات والقصص.
يعتبر الخيال هو الهاجس الذي ينمي مخيلة الفكر الإنساني للأشياء، وبمعنى آخر هو الخيال الذي يولد في ذهن الإنسان والناتج عن أمنية يتمناها، وتشكيل صور مختلفة من دخان النار أو من الغيوم في السماء ولا ترى إلا من منظور الشخص نفسه لأنها وليدة مخيلته، والخيال لا يرتكز على أي قاعدة، ولا يوجد له دليل كالسراب أو ما وراء السراب، ويعتبر الخيال كل شيء مبتدع لم تتحقق رؤيته ولا نتيجة له، بحيث يقوم الفكر بإنضاج هذا الخيال لكنه غير معرف بالنسبة للعقل.
النص التخييلي
عادة ما يقترن التخييل بجنس الرواية خاصة بالثقافات الأجنبية، على الرغم من كونه عنصرا أساسيا في جميع الأجناس التعبيرية، حتى لو كان انطلاقها من التعاقد مع قارئ يدعي تقيده بالواقع، أما فيما يتعلق بالخطاب النقدي في الأدب العربي فإنه لم يحتف بشكل كبير بالتخيل على اعتبار أنه عنصر جوهري مكون في اى نص روائي على مدى عقود طويلة.
تكمن الصعوبة في تحديد شكل التخيل وماهيته؛ بحيث إنها لا تتبين العناصر المحققة لهذا التخييل، وهنا لا يمكن إرجاع النص إلى المخيلة ولا إلى اللغة والشخوص، ولا إلى الحبكة بجميع فضاءاتها، ويعتبر اللاتحديد هذا هو الحيز الذي يتشكل لتتسرب منه موهبة القاص أو الروائي الناسج للخيوط المتشابكة والعصية والملتبسة للتخييل على التصنيف والتحديد.
هنا يجب أن نعلم بأن التخييل لا يهدف إلى احتذاء أمر قائم من قبل على الرغم من أنه يستوحي أحداثه من الواقع بالإضافة للعلم والمعرفة والأساطير والأحداث المستجدة دوما، وهذا ما يحول التخييل إلى ذاكرة تجتمع بها وقائع غير متجانسة وقعت في أزمنة متباينة، بالإضافة لعدد من الملامح والشخوص شديدة الاختلاف.
يخضع التخييل شأنه شأن الذاكرة في هذا الأمر إلى الصدفة المحضة والنزوة والانتقاء، إلا أنه أقرب إلى الإرادة ومجال الوعي والاختيار، لأن المخيلة تعتبر ملكة قابلة للتطوير والتمحيص والتربية، وهذا الأمر دفع الشاعر المكسيكي أوكتافيو باث إلى قول: "إن انبعاث الخيال كان دائما مسبوقا وممهدا له بالنقد والتحليل".
تكتسي مكونات الرواية التخييلية أهمية وفائدة خاصة باعتبارها الطريق لمعرفة الروائي المتخيل وما تعرض له من مواقف حياتية وقيم، ويعتبر الخيال أداة من أدوات المعرفة المعترف بها جنبا إلى جنب مع العقل والوسائط الأخرى للمعرفة، وهذا ما يحول الرواية إلى ذاكرة للمستقبل على الرغم من احتوائها على وقائع ومحكيات وحبكات حدثت، لأن الروائي يتعمد النظر إلى المستقبل في وصف بعض الأبعاد الجوهرية التي لا يستقيم تصور الزمن دونها.