الجن والشيطان
الجن هو جنس من خلق الله تعالى، وقد خلق الله الجن من النار، ومنهم الجن المسلم ومنهم الجن الكافر، وقد بعث الله تعالى الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى الإنس والجن ليدعوهم إلى دين الإسلام، وهم بذلك محاسبون مثل الإنس على أعمالهم.
أما الشيطان فهو العاصي الكافر بالله وبعبادته، ويسعى للفساد والظلم في الأرض، وتحريف خلق الله عن عبادته وحده؛ ولذلك فإن الجن المسلم لا يسمى شيطانا، إنما الجن الكافر يسمى شيطانا، قال الله تعالى: { وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا * وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا}، ويقول ابن باز - رحمة الله عليه - أن من الشياطين خلقا إنسيا وجنيا، قال الله تعالى: { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الأنس والجن }، وفي هذه الآيات وسورة الجن الموجودة في القرآن إثبات على حقيقة وجود الجن فمن أنكر هذه الحقيقة فقد كفر بما جاء به الدين الإسلامي، لأنهم مخلوقات موجودة كغيرها من مخلوقات الله حتى لو يكن باستطاعتنا رؤيتهم.
الفرق بين الجن والشيطان
اختلف بعض العلماء والدارسين في تعريف ومعنى الجن والشيطان والفرق بينهما، فقال القرطبي في تفسيره لسورة الجن إن أهل العلم اختلفوا في أصل الجن، وقال الحسن البصرى: إن الجن ولد إبليس، والإنس ولد آدم، ومن هؤلاء وهؤلاء مؤمنون وكافرون، وهم شركاء فى الثواب والعقاب، فمن كان مؤمنا فهو ولي الله، ومن كان كافرا فهو شيطان.
ومن هنا يتبين لنا أن الجن والشيطان هما من جنس واحد، ولكن الفرق في التسمية يأتي من صفات كل منهما، فالكافر هو ما يسمى شياطانا، أما المسلم فهو ما يسمى الجن.
خلق الله تعالى الجن لعبادته وحده، وامتحنهم كما امتحن الإنسان، وفي خلق الجن امتحان للجن نفسه وامتحان للإنس، فالإنس إن اتبعوا الكافرين من الجن - أي اتبعوا الشيطان - فلهم العذاب في الدنيا والآخرة، وأما من جاهد ودافع رغباته وشهواته واتبع طريق الهداية فله الأجر والثواب الجزيل من الله تعالى في الدارين. قد يتساءل بعضنا لماذا خلق الله تعالى الجن الكافر أو الشياطين، وفي هذا حكمة عادلة، فمجاهدتنا للشيطان وعصيانه رغم كل إغراء الشهوة والمعصية يرفع لنا درجاتنا عند الله تعالى، ويقوينا من أجل العبادات والقرب إلى الله، ولما نعي طريق الشيطان ونتجنبه نزداد لذة في عيشنا.
عالم الجن عالم غيبي لا نعرف عنه الكثير، ونحن لا نراهم ولا نسمعهم، وهذا ما دعى البعض لتأليف قصص وأساطير طويلة عن الجن، لدرجة أن كثيرا من الناس يعيشون وساوس مرعبة تكدر عليهم صفو حياتهم، بينما الواجب علينا أن نتعوذ من الشيطان كما علمنا الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأن نحصن أنفسنا وأبناءنا وبيوتنا من شروره، وذلك بقراءة القرآن، والمعوذات، والأذكار المأثورة، وأذكار الصباح والمساء، وبذلك نكون في حفظ من الله تعالى.
من الجدير ذكره أن الإيمان بوجود الجن والشياطين هو جزء من إيماننا بالله تعالى؛ ففي القرآن سورة كاملة باسم الجن، وذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وجود الجن في أحاديث عديدة.