قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار..."
نداء رب العالمين للمؤمنين بالتوبة، لا يدل إلا على رب غفور يحب العباد ويريد المغفرة لهم، ودعوته لهم لإصلاح أنفسهم تعرف ما هو إلا رحمة منه سبحانه لكي يأخذ بيد المؤمن إلى الجنة، هذا هو ربنا العظيم، هذه هي رحمته، فكيف لنا أن نسأل أنفسنا بعد هذا النداء وغيره من النداءات الموجهة لنا: هل سيغفر الله لنا ما تأخر من ذنبنا؟ هل سيمحو الله ما فعلناه في السابق من ذنوب؟ نعم أخي المسلم فرحمته وسعت كل شيء، هو الذي أطلق على نفسه اسم الغفور الودود الرحمن الرحيم، فقوله تعالى: "إن الله يغفر الذنوب جميعا" تعرف ما هو إلا دليل قاطع ووعد صريح من الله الغفور بأنه سيغفر الذنوب جميعا لمن يطلب ذلك بقلب صادق، واعلم أخي واعلمي أختي في الله بأن الفرصة للعودة والتوبة ما زالت مفتوحة أمامنا.
من الدلائل أيضا على رحمة ومغفرة الله للعبد كثير من الأحاديث القدسية، يقول الله عز وجل: "من أتاني منهم تائبا تلقيته من بعيد مرحبا بالتائبين، ومن أعرض عني ناديته من قريب: أين تذهب؟ أوجدت ربا غيري أم وجدت رحيما سواي؟"، هنا نرى أن رحمة الله تعالى ليس لها حدود، فلو تفكرنا قليلا في كمية الرحمة هذه لوجدنا بأن الأم لا ترحم ولدها إذا وصل به المطاف إلى حد معين من الأخطاء، فانظروا إلى رحمة الله في خلقه، فما يريده الله تعالى للإنسان هو الخير، لا يريد منه إلا أن يعبده ويخلص في عبادته له وأن يسلم أمره له، والله غني عن عبادتنا، ونحن الفقراء إليه.
إن من شروط التوبة النصوحة كي تحتسب عند الله توبة وتمحي ما قبلها من ذنوب، هي أن يقوم المذنب بالاقلاع عن الذنب نهائيا، وأن يندم على ما اقترفه من ذنب في حق الله، وأن يتجه الاتجاه الصحيح، وأن يسلك طريق الطاعات في حياته، ولكن هنا لنا وقفة في طبيعة الذنب، فإذا كان الذنب بين العبد وربه لا يمس أحدا من الناس، فالله يغفر الذنوب جميعا بالطبع ما عدا الإشراك به، أما إذا كان الذنب قد اقترف في حق أحد من البشر، فهنا لا يغفر الله وهنا يجب أن تقام الحدود ويطبق العدل من الله تعالى.