العصر العباسي
يعد العصر العباسي من أكثر عصور الدولة الإسلامية ازدهارا في العلم والأدب والثقافة، وهو عصر زاخر بالأحداث والتغيرات، التي أثرت في الحركة الشعرية والأدبية، ورافقته الكثير من التقلبات السياسية والتغيرات الاجتماعية، وربما يعود هذا لأن العصر العباسي من أطول العصور في تاريخ الدولة الإسلامية، الذي امتد إلى حوالي خمسة قرون، وقد كانت ذروة الازدهار في نصف القرن الثامن، حيث يطلق على ذلك العصر الذي كان في فترة حكم هارون الرشيد وابنه المأمون اسم العصر الذهبي، وفيه ازدهرت الحركة الثقافية والأدبية، وحركة النثر والشعر، وظهر فيه الكثير من الشعراء والأدباء، الذين بقيت شهرتهم إلى يومنا هذا.
أشهر شعراء العصر العباسي
أبو العتاهية
واسمه إسماعيل بن القاسم بن سويد العيني، المكنى بأبي إسحق، ولد في عام مئة وثلاثين للهجرة، في مدينة الكوفة، وعاش في بغداد، وتوفي فيها في عام مئتين وأحد عشر للهجرة، وهو من الشعراء أصحاب الإنتاج الغزير، المعروفين بسرعة الخاطر، والإبداع الكبير، وهو من مستوى بشار وأبو نواس، من حيث جودة الشعر، وقد كان شعره في الزهد، والمديح.
أبو تمام
واسمه حبيب بن أوس الطائي، ولد في عام مئة وثمانية وثمانين من الهجرة، وتوفي في عام مئتين وواحد وثلاثين للهجرة، وهو أمير من أمراء البيان والشعر، ولد في إحدى مناطق سورية، ثم انتقل للعيش في مصر، ومن بعدها رحل إلى بغداد بطلب من المعتصم، وكان فصيحا جدا، وحلو المنطق والكلام، ويمتاز شعره بالجزالة والحماسة، وله ديوان شعر اسمه ديوان الحماسة، ويقال أن أبي تمام ولد لأب نصراني، وقد اعتنق الإسلام وغير اسمه من ثيودوس إلى أوس.
ابن الرومي
واسمه علي بن العباس جورجيوس "الرومي "، وهو من الشعراء الكبار، الذين ذاع صيتهم جدا، ويعود أصله إلى الروم، ولد في عام ألف وواحد وعشرين، وتوفي في عام مئتين وثلاثة وثمانين، ولد وعاش في بغداد ومات فيها، ومات من أثر تناوله للسم، بسبب هجائه للمعتضد، ومن المعروف عن ابن الرومي أنه لم يكن يمدح رئيسا أو وزيرا، إلا ويهجوه فيما بعد، مما قلل من الثقة في شعره في ذلك الوقت، وكان هذا سبب موته.
المتنبي
واسمه أحمد بن الحسين بن الحسن الجعفي الكوفي الكندي، ويكنى بأبي الطيب، ويلقب بالمتنبي، ولد في عام ثلاثمئة وثلاثة للهجرة، وتوفي في عام ثلاثمئة وأربعة وخمسين للهجرة، وهو سيد من سادات الشعر، وشاعر الحكمة، ومفخرة من مفاخر الأدب والشعر، وشعره مضرب الأمثال من عصره إلى الآن، ولد أبو الطيب المتنبي في مدينة الكوفة، في منطقة تسمى كنده، والتي ينسب إليها، ونشأ في بلا الشام، وانتقل بين مناطق البادية والحضر لطلب الأدب وتعلم أسس اللغة والبيان، وقال الشعر وهو في سن مبكرة جدا، وقد كان من شعراء سيف الدولة، الذين قال فيه الكثير من الشعر، ومات مقتولا.
أبو فراس الحمداني
واسمه الحارث بن سعيد الحمداني التغلبي الربعي، ويكنى بأبي فراس، وهو ابن عم سيف الدولة الحمداني، وكان شاعرا وفارسا وأميرا، وخاض الكثير من المعارك والحروب والوقائع، حتى وقع في الأسر بعد أن جرح، وبقي أعواما طويلة أسيرا لدى الروم في القسطنطينية، ويعد شعره من اجمل وافضل وأجزل ما قيل في الشعر العربي، وأكثره إحساسا.
أبو نواس
واسمه الحسن بن هانئ بن عبد الأول، وهو شاعر شهير جدا، ولد في أهواز العراق، ونشأ في مدينة البصرة، وارتحل إلى بغداد عاصمة الخلافة العباسية، وبقي فيها حتى توفي، وقال شعر المدح في بعض الخلفاء والولاة، وقد ولد في عام مئة وستة وأربعين من الهجرة، وتوفي في عام مئة وثمانية وتسعين من الهجرة، وهو من أوائل الشعراء الذين أسسوا طريقة حضرية لقول الشعر، وحرره من اللهجة البدوية، وقال جميع أنواع الشعر.
البحتري
واسمه الوليد بن عبيد بين يحيى الطائي، ويكنى بأبي عباده البحتري، ولد في عام مئتين وستة للهجرة، وتوفي في عام مئتين وأربعة وثمانين للهجرة، وهو من كبار الشعراء، الذي قيل عن شعره إنه سلاسل الذهب، وهو من أشعر شعراء عصره، وأقواهم ألفاظا، وأكثرهم جزالة وبيانا، وقد قال عنه النقاد الغربيين إن البحتري كان أقل حكمة وفطنة من المتنبي، وأكثر شاعرية من أبي تمام، وله كتاب شعر اسمه ديوان الحماسة.
أبو العلاء المعري
واسمه أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعري، ويكنى بأبي العلاء، ولد في عام ثلاثمئة وثلاثة وستين للهجرة، وتوفي في عام أربعمئة وتسعة وأربعين للهجرة، وهو شاعر كبير، وأحد فلاسفة العصر، ولد وعاش ومات في معرة النعمان التي ينتسب إليها، وأصيب بالعمى وهو صغير، بسبب إصابته بمرض الجدري، وقال الشعر وهو ابن أحد عشر عاما، وكان من أكثر الشعراء الذين ذاع صيتهم، حتى إنه عند موته وقف أربعة وثمانون شاعرا عند قبره يرثونه ويقولون فيه الشعر، وكان نباتيا يحرم على نفسه أكل اللحم، وله دواوين شعرية عديدة، من بينها، لزوم ما لا يلزم، وسقط الزند، وضوء السقط، والأيك والغصون، وتاج الحرة، وعبث الوليد، ورسالة الغفران، والفصول والغايات، ورسالة الصاهل والشاحج.
ابن زريق البغدادي
واسمه أبو الحسن علي بن زريق البغدادي، ويكنى بأبي عبد الله، ولد في عام أربعمئة وعشرين للهجرة، وقد ارتحل من بغداد إلى الأندلس، ويقال إنه مات هناك، وله قصيدة يتيمة، لكنها مشهورة جدا، وذاع صيتها، وهي قصيدته "لا تعذليه فإن العذل يولعه".
بديع الزمان الهمذاني
واسمه أحمد بن الحسين بن يحيى الهمذاني أبو الفضل، ولد في مدينة همذان، عام ثلاثمئة وثمانية وخمسين للهجرة، وتوفي في عام ثلاثمئة وثمانية وتسعين للهجرة، وهو من أشهر شعراء وأدباء عصره، وكان شاعرا، وكاتبا للمقامات، وكان سريع البديهة، وكثير الحفظ، وشاعرا وكاتبا متمكنا.
بشار بن برد
واسمه بشار بن برد العقيلي، ويكنى بأبي معاذ، ولد في عام خمسة وتسعين من الهجرة، وتوفي في عام مئة وسبعة وستين للهجرة، وهو من أشعر الشعراء وأشهرهم، وكان ضريرا، ورغم هذا ذاع صيته جدا، وقد أدرك الدولتين الأموية والعباسية، واتهم في حياته بالزندقة، فمات تحت ضرب السياط، وتم دفنه في مدينة البصرة.
الشريف الرضي
واسمه محمد بن الحسين بن موسى، ويلقب بالشريف الرضي، ولد في بغداد في عام ثلاثمئة وتسعة وخمسين للهجرة، وتوفي أيضا في بغداد في عام أربعمئة وستة للهجرة، كان شاعرا وفقيها، وذائع الصيت في عصره، وهو من الطائفة الشيعية.
البهاء زهير
واسمه زهير بن محمد بن علي المهلبي، ويكنى بالبهاء زهير، ولد في تهامة في مكة، في عام خمسمئة وواحد وثمانين، وتوفي في عام ستمئة وستة وخمسين، وكان شاعرا قويا، ومشهورا بقصائده القوية والشاعرية.
الحلاج
واسمه أبو عبد الله حسين بن منصور ويلقب بالحلاج، ولد في عام مئتين وأربعة وأربعين للهجرة، وتوفي في عام ثلاثمئة وتسعة للهجرة، وهو شاعر متصوف، وهو علم من أعلام التصوف، وتحديدا في بلدة فارس، وكان تصوفه محور حديث عند النقاد والفلاسفة، وكان يرى في تصوفه طريقا للجهاد وإظهار الحق.