العصر الأموي
وهو العصر الذي يلي عصر الدولة الإسلامية، وكانت الخلافة فيه لبني أمية، وقد اتخذوا من دمشق عاصمة لهم، وبلغت الدولة الأموية في عهد الخليفة هشام بن عبد الملك ذروة اتساعها، حيث امتدت حدودها من جنوب فرنسا حتى شرق الصين، فقد تمكن الأمويون من فتح إفريقيا والأندلس، والكثير من البلاد والدول الأوروبية، وكان لهذا الاتساع السبب في امتزاج الثقافة العربية بغيرها من الثقافات الأخرى مما أدى إلى ازدهار الشعر وتعدد أغراضه في هذا العصر، ومن تلك الأغراض الشعر السياسي الذي سنتطرق ووسائل إليه بالتفصيل، وذكر خصائصه ودوافع ظهوره.
الشعر السياسي
لقد تميز العصر الأموي بظهور الفرق السياسية التي تنازعت على الحكم فيما بينها، وكان ذلك حين بدأ النزاع بين الهاشميين والأمويين، فقد ظهرت العديد من الأحزاب الموالية لعلي بن أبي طالب وأخرى معارضة له، ومن تلك الأحزاب الخوارج والشيعة، وقد أدى التنازع بين الأحزاب إلى ظهور غرض جديد للشعر في هذا العصر وهو الشعر السياسي، فقد كان لكل حزب من الأحزاب شاعر يدافع وينافح عنه، منددا بسياسة الحزب الآخر، فقد كانوا يجتمعون في مجالس زعمائهم، يقولون الشعر مادحين مدافعين عن سياستهم، وحقهم في تولي مقاليد الحكم، فقد كانوا يصفون شجاعة أبناء حزبهم، ومدى حبهم واستعدادهم للشهادة في سبيل الله، متعقبين لمثالب وعيوب الحزب الآخر، يهجونه بأقسى الشعر، وقد ضم كل حزب عددا كبيرا من الشعراء الذين يناصرونه، فمن شعراء الخوارج اشتهر قطري بن الفجاءة الذي قال قصائد ومقطوعات شعرية كثيرة في حزبه الخوارح، إضافة إلى الكميت بن زيد الذي يلقب بشاعر آل البيت مادحا لهم بأروع القصائد.
لذا فظهور الأحزاب السياسية وعودة العصبية القبلية، واتخاذ الشعراء الشعر وسيلة للتكسب، إلى جانب نضج ونمو الحركة العقلية والفكرية في هذا العصر، واهتمام الخلفاء الأمويين بالشعر، وإغداق العطايا والأموال على الشعراء، كلها عوامل أدت إلى ازدهار الشعر السياسي في هذا العصر.
خصائص الشعر السياسي في العصر الأموي
- لقد استمد الشعراء المعاني والأفكار من معاني الشعر الجاهلي سواء في المدح، أو الهجاء، أو الفخر.
- الوحدة الموضوعية التي كانت واضحة في أشعار الخوارج والشيعة، بالدفاع عن فصائلهم السياسية.
- كانت معظم قصائد الشعر السياسي عبارة عن مقطوعات شعرية قصيرة، فلم تكن قصائدهم طويلة، وذلك لاقتصارها على غرض شعري واحد.
- التأثر بالمعاني الإسلامية، حيث نلمس الحماسة الدينية التي تمثلت في الدعوة للجهاد والاستشهاد في سبيل الله، والأخلاق الإسلامية كالتقوى والعدل، والصدق.
- الألفاظ والعبارات، فقد كانت ألفاظهم جزلة، رقيقة، وعذبة، بعيدة عن الغموض والتكلف.
- اعتمدوا على أسلوب المناطرات في إلقاء وقول الشعر.
