الحب الإلهي عند الصوفية

لم يكن مفهوم وتعريف ومعنى الحب الإلهي إبداعًا صوفيًا خالصًا، وإنما ارتبط هذا المفهوم وتعريف ومعنى بالصوفية ارتباطًا وثقيًا، فقد ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي عبرت عن حب الله للمؤمنين المخلصين، ومن الناحية الأخرى فقد كان حب النبي الكريم والصحابة رضوان الله عليهم لله خالصًا، وهو الذي دفعهم إلى النهوض بالدعوة، وتحمل المشاق في سبيل وصولها إلى أرجاء الأرض، أما بالنسبة للشعر فإن القصائد الصوفية في حب الله تعد أحد الوسائل التي عبر من خلالها شعراء الصوفية عن الحب الإلهي بأشكال مختلفة، وأنماط لفظية وتشبيهية متنوعة، وفي هذا المقال سيتم ذكر قصائد صوفية في حب الله.

قصائد صوفية في حب الله

فيما يلي ذكر قصائد صوفية في حب الله والتي حملت في مضمونها معاني الحب الإلهي، والاندغام في روح الله عز وجل، والفناء في طاعته، والخوف من عذابه:

  • يقول سمنون المحب وهو أبو الحسن سمنون بن حمزة الخواص:
    بكيتُ ودمع العين للنفس راحة
    ولكن دمع الشوق ينكى به القلبُ
    وذكرى لما ألقاه ليس بنافعي
    ولكنه شيء يهيج به الكرب
    فلو قيل لي من أنت قلت معذب
    بنار مواجيد يضرمها العتب
    بليت بمن لا أستطيع عتابه
    ويعتبنى حتى يُقال لي الذنب
  • يقول مهدي منصور
    أبوابُ بيتكَ هذا الليل موصدةٌ
    والسّورُ حتى لسيلِ الدمعِ لمْ يحدِ
    فكيف أجمعُ آلامي لنافلةٍ
    وكيفَ أُسْكتُ هذا الجرح في خلدي
    وكيفَ أرفعُ آذاني لقافيةٍ
    وكيفَ أُفرغُ ما في الوقت من أبدِ
    يا ربِّ والطرقاتُ امتدَّ آخرُها
    تشدُّني، وحبال العمرِ من مسدِ
    وهذه الأرض ما ضاقتْ على أحدٍ
    فكيفَ يا ربِّ ضاق الكونُ في أحدِ
    فادخل مساجدَ أيامي التي صدِئتْ
    ما دام بابُك لم يرأفْ بطرق ووسائل يدي
    وارسل ملائكةَ ترقى لأغنيتي
    فإن صوتي يتيمُ الأم والولدِ!
    من غيرُ مقتدرٍ يرنو لمنكسرٍ
    أو غير منفردٍ يحنو لمنفردِ.؟!
  • يقول ابن عربي:
    فللهِ قومٌ في الفراديسِ مذ أبتْ
    قلوبهم أن تسكن الجوَّ والسما
    ففي العجلِ السرُّ الذي صدعتْ له
    رعودُ اللظى في السفلِ من ظاهر العجى
    وأبرقَ برقٌ في نواحيهِ ساطعٌ
    يجلِّلُهُ من باطنِ الرجلِ في الشوى
    فأولُ صوتٍ كان منه بأنفه
    فشمته فاستوجبَ الحمدَ والثنا
    وفاجأهُ وحيٌ من اللهِ آمرٌ
    وكان له ما كان في نفسه اكتمى
    فيا طاعتي لو كنتِ كنتُ مقرباً
    ومعصيتي لولاكِ ماكنتُ مجتبى
    فما العلم إلا في الخلافِ وسرِّه
    وما النورُ إلاَّ في مخالفة ِ النهى
  • تقول رابعة العدوية:
    أحبك حبين حب الهوى
    وحبّاً لأنّك أهل لذاكا
    فأمّا الذي هو حب الهوى
    فشغلي بذكرك عمّن سواكا
    وأمّا الذي أنت أهل له
    فكشفك للحجب حتى أراكا
    فلا الحمد في ذا ولاذاك لي
    ولكن لك الحمد في ذا وذاكا

الحلاج في قصائد صوفية في حب الله

إلى كم أنت في بحر الخطايــا
تبارز من يراك ولا تـــراه
إلى كم أنت في بحر الخطايــا
تبارز من يراك و لا تـــراه
وسمتـُك سمت ذي ورع ٍ
تـِقّي و فعْلك فعل متـّبع هـــواه
فيـا من بات يخلو بالمعاصـي
وعين الله شــاهدة تـــراه
أتطمع أن تنــال العفو ممّــا
عصمتَ و أنت لم تطلب رضاه
فـَتـُبْ قبل الممات وقبل يـوم
يلاقي العبد ما كسـبت يــداه
أتفرح بالذنـوب والخطـايــا
و تنسـاه و لا أحد ســـواه

  • سبحان من أظهر ناسوتـُهُ
    سـّر سنا لاهوتِه الثاقـب
    ثم بـدا في خلقه ظاهـراً
    في صورة الآكل والشارب
    حتـّى لقد عَايـَنَهُ خَلْقـُه
    كلحْظِة الحاجب بالحاجـب
  • رأَيتُ ربّي بعين قلبِ
    فقلتُ من أنت قال أنت
    فليس للأين منك أينٌ
    وليس أين بحيثُ أنت
    وليس للوهم منك وهمٌ
    فيعلم الوهم أين أنت
    أنت الذي حُزْتَ كل أين
    بنحو لا أينَ فأينَ أنت
    و في فنائي فنا فنائي
    و في فنائي وجدت أنت

حب  الله والقصيدة الصوفية

تم كتابة قصائد صوفية في حب الله من قبل شعراء الصوفية من أجل تعميق العلاقة بين الإنسان والخالق، وزيادة إحساس الإنسان بوجود الله معه في السر والعلن، ويمكن أن يتم الإفادة من شعر الحب الإلهي في زيادة القرب من الله سبحانه وتعالى، والعمل بما يجيء في هذه القصائد، من خلال الأخذ بما أمر الله تعالى به، والابتعاد عن ما نهى الله سبحانه وتعالى عنه، فإن في ذلك القرب الحقيقي من الخالق العظيم.