يعلم معظمنا أن الضغط و التوتر و الإجهاد لها العديد من الأثار السلبية على الصحة, و لكن ما جأت به هذه الدراسة التي نشرت مؤخرا في دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم, و التي أجراها مجموعة من الباحثين في جامعة كارنيجي ميلون, قد بينت و بشكل دقيق الطريقة التي قد يؤثر بها الضغط و التوتر الدائم على صحتنا, و طريقة زيادة أعراض المرض و صعوبة الشفاء منه عندما نكون تحت تأثيرها.
إن قدرة الجهاز المناعي في محاربة الأمراض, و الإلتهابات على وجه التحديد تتأثر بشكل كبير بعامل الضغط و التوتر, إذ يقول شيلدون كوهين أحد الباحثين في هذه الدراسة ملخصا نتائجها ” عندما نكون تحت الضغط والتوتر, فإن خلايا الجهاز المناعي تكون غير قادرة على الاستجابة للسيطرة الهرمونية, و بالتالي فهي ستنتج المزيد من الإلتهاب و تشجع استمرار المرض, و من المعروف أن الكثير من الأمراض ناتجة عن الإلتهاب, مثل أمراض القلب, الأوعية الدموية, الربو, وغيرها, و هذا ما يفسر استمرار المرض لمدة أطول عند الأشخاص الذين يعانون من الضغط و التوتر”.
و قد ذكرت الأبحاث سابقا, أن ارتباط المرض بالتوتر والضغط كان يغزا لسببين احتماليين, وهما أن الأشخاص الذين يعانون من التوتر والصغط هم في العادة أشخاص يعيشون بنمط حياة غير صحي, هذا ما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالمرض, أما السبب الاحتمالي الثاني فهو بسبب الاختلال الهرموني الذي يحدث للجسم في حالة الإصابة بالتوتر و الضغط, و جأت هذه الدراسة لترجح الهدف الثاني بعد التجربة و البحث.
قامت الدراسة على فحص عينة مكونة من 276 شخصا, مصابين بنزلة البرد, و تم الحجر الصحي عليهم لمدة خمس ايام, و الجدير بالذكر أن الأعراض الي نمر فيها جراء الإصابة بنزلات البرد, لا تكون بسبب الإصابة بل بسبب مقاومة الجسم لها و محاولة شفائها, و ما حدث مع الأشخاص الذين يعانون من التوتر و القلق هو عدم قدرة جسمهم على السيطرة على هذا الالتهاب بفعل التوتر.
و الجدير بالذكر هنا, أن أثار الضغط و التوتر لا تقتصر على ضعف قدرة الجسم في مقاومة الأمراض, و لكن إشارة دراسة حديثة أيضا, أن التعرض المستمر للضغط و التوتر يؤثر على الفص الجبهي في الدماغ, و الذي يعد المدير الذي يدير وظائف الدماغ المختلفة, مما يجعل التوتر يؤثر بشكل كبير على نشاطات الدماغ و عمله.