جدول المحتويات
    شروق الشمس

شروق الشمس

الطبيعة هبة من الله تعالى للإنسان، فيها الكثير من المظاهر المدهشة التي تأسر الألباب وتأخذ القلب إلى البعيد ليسرح في ملكوت الله، ومن أعظم مظاهر الطبيعة منظر شروق الشمس، هذا المنظر الذي تُعلن فيه الشمس بداية يومٍ جديد، وكأنها تطبع على جبين السماء قبلة الحياة لتستيقظ الأرض من نومها بعد ليلٍ طويل، فشروق الشمس يُعطي دلالاتٍ كثيرة مليئة بالأمل والتفاؤل، فهو أصل البدايات وهو إيذانٌ ببدء العمل وطرد الكسل، فمن أراد أن يأخذ وجبةً دسمةً من الطاقة الإيجابية فما عليه إلا أن يراقب شروق الشمس وهي تُرسل أشعتها الذهبية، ثم ينتشر نورها في الأرجاء.

يعبّر شروق الشمس عن النظام الكوني الدقيق الذي تسير عليه الحياة، فالشمس لا تخلف موعدها أبداً، وهي آيةٌ من آيات الله الكبرى التي ذكرها الله تعالى في القرآن الكريم، وهذا يدلّ على أن شروق الشمس وغروبها من آيات الله التي ينطوي عليه الكثير من الأشياء والدلالات، فالصلوات الخمس تكون محددة بمواعيد تابعة لحركة الشمس من شروقها وحتى غروبها، أي أن الشروق ليس مجرد ظاهرة طبيعية تحدث بشكلٍ اعتيادي، بل إن الكثير من الأشياء تُبنى عليه، فهو بمثابة الأساس لأشياء كثيرة تؤثر في حياة الناس بشكلٍ مباشر.

يختزن شروق الشمس الكثير من العبر، فهو يُعلن ولادة الوقت واليوم، وما إن تبدأ أشعة الشمس بالانتشار حتى تبدأ مظاهر الحياة، فالنباتات والحيوانات والإنسان كلهم أسرى لهذا الشروق، فنور الشمس الذي لا يعادله أي نور يُعطي للحياة جرس البداية، فتبدأ النباتات بالتقاط أشعتها لصنع الغذاء والأكسجين، وتبدأ الحيوانات بممارسة نشاطاتها المختلفة، والأهمّ من ذلك كله أن الإنسان يبدأ يومه ببداية الشروق بعد أن كان يغطّ في نومه، فالله تعالى ميّز النهار الذي تنيره الشمس بأنْ جعله معاشاً للناس وجعل الليل للسبات والراحة.

شروق الشمس يتيح للأشجار والأزهار أن تظهر بلونها وطبيعتها وجمالها، فدون أشعتها ستغرق الأرض في ظلامها الدامس، فحتى إن كانت السماء ملبدة بالغيوم فإن نورها لا يمكن لأي شيءٍ أن يطغى عليه إلا بإذن الله تعالى، وهذا ما يميز الأرض عن سائر الكواكب بأن أعطاها مكاناً مميزاً بقربه من الشمس كي تشرق الشمس وتغرب عليها بطريقة متزنة تسمح للحياة أن تكتمل على الأرض، فشكراً لله على نعمة الشمس وروعة شروقها وسرّها الذي أودعه الله تعالى فيها، لتظلّ دائماً تتربع في السماء مثل عروسٍ متوجةٍ على عرشها، ولا يمكن لأي كوكبٍ مهما كان أن يأخذ مكانتها أو أن يحتلّها.