تعتبر الأخلاق والقيم الحميدة من الركائز الأساسية لبناء أساس الحضارات، وهي الوسيلة القائمة للمعاملة بين الناس والشعوب، حيث تُعبّر الأخلاق عن سلوك وتربية الإنسان والعادات الطيبة أو السيئة التي يتعامل بها مع الآخرين، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، ليظهر لنا بأن الخُلق هو المعيار الأساسي في تقييم الإنسان اجتماعياً، كما وصف الله سيدنا محمد صل الله عليه وسلم بقوله تعالى (وإنك لعلى خُلق عظيم) صدق الله العظيم، ويُعبّر عن تلك الأخلاق سلوك الإنسان اليومي، الذي يعكس مستوى أخلاق المرء، وأن مكارم الأخلاق عند الناس تكون بالمعاملة الحسنة، والإصلاح بين المتخاصمين والعفو والتسامح مع الآخرين، وصلة الرحم وحسن المعاشرة مع أهل البيت والجيران والأقارب، لتكون هنا اجمل وافضل الأخلاق الحميدة ومكارمها، التي ترفع من مكانة ومقام الإنسان في الدنيا بين الناس وفي الآخرة الأجر والثواب عند رب العالمين.

دعا الإسلام منذ بدء انطلاق الدعوة إلى الإسلام الحنيف إلى أهمية وفائدة الأخلاق والتحلي بالصفات الحميدة، التي تمنح المسلم السلوك السوي والسليم، والتحلي بأخلاق الإسلام كالصدق والصبر والحلم والكرم والتصدق على الفقراء والتواضع، والتي تنعكس جميعها في حسن المعاملة مع الآخرين، وقد حثّت الديانات السابقة التي آتت قبل الإسلام وجميع الأنبياء والرسل على حسن الخلق والالتزام بالأخلاق الحميدة، وقد تطرق ووسائل الشعراء على ذكر مكارم الأخلاق الحميدة، وبيان دورها الكبير  وتأثيرها الإيجابي في حياة وسلوك الإنسان، وبيان السلوك الأخلاقي السيئ الذي يجعل الإنسان غير محبوب ومكروهاً ممن حوله ويتجنبون التعامل والتقرب منه لسوء أخلاقه ورداءة خلقه معهم.

كما وأمر الإسلام المسلم بالالتزام والتحلي بمكارم الأخلاق والتحلي بها، مثل خلق الكرم الذي حث الله عز وجل ورسوله على إكرام المحتاجين والفقراء، والابتعاد عن البخل تلك الصفة السيئة والذميمة التي ينهى الإسلام عنها، طريقة الصبر عند المصائب وحمد الله على البلاء، الذي يختبر الله بها مدى قدرتنا على الصبر على الشدائد، والتحلي بصفة القناعة بما قسم الله للإنسان، والتواضع وعدم التكبر في التعامل مع الآخرين، ومواظبة الحمد والشكر لله تعالى وللمحسنين على المعروف وحسن المعشر وحفظ اللسان عن الكلام البذيء والألفاظ الجارحة، والتعامل بمكرمة الإيثار التي تدفع الإنسان لتفضيل أخيه وصديقه على نفسه ومصلحته، والوفاء بالوعود وعدم الكذب وصنع الخير مع الناس.

هذه هي أخلاق الإنسان المسلم العظيمة، التي تكون من صنع الإنسان نفسه، فتبسمه في وجه المسيء له، تجعله يستحق أن يفخر بأخلاقه وتشعره بأنه محبوباً بين الناس، وتصل به نحو الرقي والتواضع في التعامل مع الأخرين، ويكسب رضا الله ورسوله وتجبر من حوله على تقديره واحترامه، فالخلق صفة جميلة ومقدسة يفتقدها الكثير من الناس، في التعامل بأخلاق الكلام الجميل وحلاوة الأسلوب بالرفق واللين بالعمل وفي مجالات الحياة المختلفة، فالخلق الطيّب يترك في النفس الرضا والمحبة، وبأن الحياة لا تخلو من أهل الخير والأخلاق الحميدة.