القرآن الكريم
تعتبر قراءة القرآن الكريم من أولى الواجبات التي ينبغي على كل مسلم يسعى لنيل رضوان الله تعالى، والقرب منه، والراحة في الدنيا، والعتق من النار في الآخرة المواظبة عليها.
من احسن وأفضل طرق ووسائل قراءة القرآن الكريم تلك القراءة التفاعلية التي تساعد على إيصال الآيات الكريمة إلى أعماق النفس الإنسانية، فتصير-بإذن الله- بلسما يشفي الصدور من الأحقاد، والتباغضات، والتعصبات الزائفة، التي تستهلك طاقة الإنسان، فتتركه وحيدا، حزينا، مهموما، مكتئبا، وربما ميتا.
لعل أبرز طرق ووسائل التفاعل مع القرآن الكريم أثناء قراءته والتي علمنا إياها الشارع الحكيم عن طريق رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، السجود في عدد من المواضع. وفيما يلي تفاصيل ذلك.
عدد سجدات القرآن
يتضمن القرآن الكريم خمسة عشر موضعا للسجود، وهذه المواضع تتوزع في كل من السور: الأعراف، والرعد، والنحل، والإسراء، ومريم، والفرقان، والنمل، والسجدة، وص، وفصلت، والنجم، والانشقاق، والعلق، بالإضافة إلى موضعين اثنين في سورة الحج. وهناك عدد بسيط من هذه المواضع هي محل اختلاف بين العلماء وأصحاب الاختصاص.
اختلف العلماء في تحديد حكم السجود عند هذه المواضع، فذهب قسم منهم إلى أن سجود التلاوة واجب على المسلم الذي يقرأ القرآن، في حين ذهب قسم آخر إلى أن هذا السجود سنة، واستشهدوا بفعل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- له أحيانا، وتركه له أحيانا أخرى.
هذا وقد اختلفوا أيضا في الشروط الواجب توافرها حتى يكون السجود صحيحا، فمنهم من اشترط له الطهارة، ومنهم من لم يشترط، ومرد ذلك إلى الطريقة التي يصنف بها العالم هذا السجود، فمن صنفه على أنه نوع من أنواع الصلاة رأى وجوب الطهارة، ومن صنفه على أنه ليس من الصلاة لم يشترط ذلك.
أما فيما يتعلق بطريقة الإتيان بسجود التلاوة، فإذا ما مر قارئ القرآن بموضع يستلزم السجود، كبر، ثم سجد، حيث يقول في أثناء السجود: (سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته)، وقد زاد بعضهم: (فتبارك الله أحسن الخالقين)، وبعد أن يفرغ، يعاود التكبير، وليس من شروط سجود التلاوة التسليم كما في نهاية الصلاة. هذا ويمكن للساجد أن يقول أثناء السجود: (سبحان ربي الأعلى) كما في الصلاة العادية.
يساعد سجود التلاوة على استشعار عظمة الله تعالى، كما ويعمل بشكل كبير على زيادة تفاعل الإنسان مع الآيات العظيمة، فقد انقسمت الآيات التي تتضمن مواضع للسجود إلى قسمين اثنين هما: آيات الأخبار؛ تخبر عن سجود المخلوقات لله تعالى خالقها، أو آيات الأوامر؛ تأمر بالسجود لله رب العالمين، فإذا ما مر القارئ بآية من النوع الأول كان من الاحسن وأفضل له أن يتشبه بهذه المخلوقات العظيمة، أما إن مر بالنوع الثاني فيسرع ويمتثل لأوامر الله تعالى.