لم تكن معاملة رسولنا الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – معاملة عادية لأي إنسان يقابه، بل كان تعامله مع من حوله من الناس معاملة فيها الكثير من اللطف والصبر والتحمل، معاملة تحمل الكثير من الإنسانية واللطف والاحترام على أساس المساواة الإنسانية، فلم يكن يفرق هذا النبي العالمي والرجل العظيم بين مسلم وغير مسلم في تعامله هذا او بين أبيض او أسود او بين اعجمي أو عربي أو بين رجل أو امرأة أو بين كبير أو صغير، فهو كان لطيفاً مع الجميع، متواضعاً بشكل كبير، أخلاقه عالية رفيعة حتى مع اعدائه، شديد التأثر بالمواقف التي تحدث من حوله، زاهد في الدنيا يريد ان يلقى وجه الله وهو عنه راضٍ، فهو من وقف لجنازة اليهودي عندما مرت من أمامه فاستغرب من كانوا معه من الصحابه احترامه لهذه الجنازة ظناً منهم أنه ولأنه غير مسلم لا يجب احترامه، فأدهش الجميع بكلمته التي خلدها التاريخ " أليست نفساً ؟! " هذا فيض من غيض، وهو أقل موقف يستطيع الإنسان أن يستجلي به عظمة هذا الرجل العظيم فليس غريباً سلبه لألباب أكبر المفكرين والمبدعين من جميع انحاء العالم، فما شهدوه ولمسوه منه وما عرفوه عنه لم يشاهدوه من أي بشري آخر، فعظمته متألقة وستبقى كذلك إلى اللانهاية.
ومنه وإذا كانت هذه الكلمات وعبارات هي أبسط ما نعبر به عن أخلاقه الرفيعة عند تعامله مع الناس فكيف كانت معاملته مع زوجاته – رضي الله عنهن -، وهو القائل وهو الذي يفعل ما يقوله فهو الصادق المصدوق " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي، ما أكرم النساء إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم "، من هذا الحديث إن صح لفظاً مع أن معناه قطعاً صحيح وقد ظهر وبان من معاملته لزوجاته وعائلته الكرام – صلى الله عليه وسلم -، فقد كان الرسول الأعظم يحب زوجاته حباً شديداً، وكان يستمع إليهن حتى يفرغن من حديثهن، وكان – عليه الصلاة والسلام – دائم المزاح معهن ودائم التودد إليهن، فلم يكن يغضب عليهن ولم يكن يصرخ في وجههن وكان يتحمل أي كلمة يتفوهن بها وأي فعل يفعلنه، لقد كان الرسول الأعظم – صلى الله عليه وسلم – مضرباً للأمثال في طريقة معاملة الرجل لزوجته، حيث كان منبع الحب والحنان ومنبع ما يقال له اليوم الرومانسية بين الأزواج والدفئ في العلاقة، وتقدير قيمة الحياة الزوجية، وكان أيضاً على الرغم من انشغاله بالكثير من الأمور بحكم موقعه كرئيس للدولة ورسول من الله، كان عادلاً فيما يستطيع ان يعدل فيه، فكانت الليالي تقسم بينهن بالتساوي وبالعدل وأي شيءآخر كان يخضعه الرسول للقسمة العادلة بينهن وباختصار شديد كانت بيوت الرسول – صلى الله عليه وسلم – قدوة ومضرباً للمثل لكافة العالمين.