من بين النّساء التي اشتهرت كمحاربةً للدّعوة الإسلاميّة في بداياتها امرأةٌ اسمها هند بنت عتبة بن ربيعة ، فقد كانت هند من أشراف النّساء في الجاهليّة و كان أبوها من سادات قريش و كبرائها ، و الذي كان من جملة من دعا عليهم النّبي صلّى الله عليه و سلّم بالهلاك ، فكانت غزوة بدر حيث انتصر المسلمون على المشركين في معركة سمّيت بمعركة الفرقان ، و قد كانت مصارع الكفار خير شاهدٍ على صمود المسلمين و انتصارهم في هذه الملحمة العظيمة ، و كان من بين الذين صرعوا و كان خبر هلاكهم فرحةً للمسلمين والد هند عتبة بن ربيعة و عمّها شيبة بن ربيعة و أخوها الوليد بن ربيعة ، و قد غضبت هند عند سماع خبر موت أقربائها أشدّ الغضب و أضمرت في نفسها النّية على الثأر من قاتل أقربائها أسد الله حمزة رضي الله عنه ، و قد سخّرت لذلك أحد العبيد و يدعى وحشي ، فقامت بتدريبه و إعداده لمهمّة الثأر لأقربائها ، و قد وجدت هند الفرصة السّانحة في غزوة أحد حيث اجتمع الكفار للإنتقام من المسلمين بسبب ما حقّقوه من انتصاراتٍ يوم بدر ، و وقفت هند بنت عتبة لتحثّ جيش الكفّار على التّقدم و كان مما قالته و ارتجلته:
نحن بنات طارق...نمشي على النّمارق
و الدّرّ في المخانق...و المسك في المناطق
ان تقبلوا نعانق...و نفرش النّمارق
أو تدبروا نفارق...فراق غير وامق
و كان من نتائج المعركة و حين تخلى جزءٌ من جيش المسلمين عن أوامر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم و انشغلوا بالغنائم أن انتهت المعركة بهزيمة المسلمين ، و قد تمكّن وحشيّ من قتل أسد الله حمزة و تحقيق أسمى أماني هند ، و أخرج قلبه و أتى به إلى هند التي فرحت لذلك أشدّ الفرح .
و قد أسلمت هند بنت عتبة و حسن إسلامها و ذلك حين فتح النّبي عليه الصّلاة و السّلام مكّة ، فاتت مسلمةً إلى النّبي الكريم و بايعته ، و قد اشتكت يوماً إلى النّبي زوجها حيث كان شحيحاً ، فقالت هل يجوز لي أن آخذ من ماله لعيالي ، فأجاز النّبي لها لذلك بالمعروف ، و توفيت في خلافة سيّدنا عمر بن الخطّاب .