صلاة التراويح من السُّنن التي اعتاد المسلمون على تأديتها في شهر رمضان المبارك، وهي تبدأ من ليلة إعلان بدء شهر رمضان؛ وتكون آخر مرة يؤديها المسلمون في الليلة التي تسبق ليلة العيد، ففي الليلة التي يثبت فيها دخول شهر شوال؛ لا يُصلى فيها صلاة التراويح. وأما عن حكم صلاة التراويح؛ فهي سنَّة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد صلاها مرة واحدة ثم توقَّف عن ذلك؛ خشية أن تُفرض على أُمَّتِه فيصبح الأمر شاقاً عليهم، ثم قام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بأدائها إحياءاً للسنة النبوية في أيام عهده، ومنذ ذلك اليوم والمسلمون يداومون عليها في كل رمضان من كل عام.
صلاة التراويح من الصلوات الفردية، أي أن عدد ركعاتها يكون فردياً، فيُصلي الناس ركعتين في كل مرة بطريقة تادية الصلاة العادية، ويُستحبُّ له أن يُطيل قراءة القرآن، فإن لم يستطع فيقرأ ما تيسَّر له في كل ركعة، ويُسلِّم بعد الركعة الثانية ثم يستريح قليلاً ويقوم لأداء الركعتين اللاتي تليهما. ومن أجل الإستراحة بيت كل ركعتين؛ تم تسمية هذه الصلاة بصلاة التراويح، وأصل الكلمة "ترويحة"، فكان المسلمون في بداياتها يرتاحون بين كل تسليمتين. ويُصلي المصلون ما شاء لهم أن يُصلوا من ركعتين وما يزيد، أربع ركعات أو ستة أو ثمانية وهكذا، وبعد الإنتهاء يصلي المصلون ركعتي شفع كما في الأيام العادية، ويقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سبح اسم ربك الأعلى، وفي الركعة الثانية يقرأ بعد الفاتحة سورة الكافرون؛ ثم يُسلِّم بعد الركعة الثانية ويقومون لأداء ركعة فردية، يقرأ فيها بعد الفاتحة سورة الإخلاص؛ ثم بعد أن يرفع من الركوم يقرأ دُعاء القنوت وما شاء له أن يدعو، وهذه الركعة الأخيرة هي ركعة الوتر، أي التي تجعل الصلاة فردية. وللمصلي إن أراد أن يُصليهم جميعا بتكبيرة واحدة؛ على ألا يقرأ التشهد في الركعة الثانية كما في صلاة المغرب، بل يقرأه في الركعة الثالثة ويُسلِّم بعدها، ويقرأ دعاء القنوت بعد الرفع من ركوع الركعة الثالثة.
وبالنسبة لعدد ركعات صلاة التراويح، فقد ذهب كل مذهب من المذاهب إلى عددٍ حسب ما رآه مناسباً، وهذا لا يؤثر على حكمها أو حكمتها أو مشروعيتها، وما زاد كان له أجرٌ أكبر؛ وإن قل عدد الركعات قل الأجر تبعاً لذلك. عند الحنفية والشافعية، تكون صلاة التراويح عشرون ركعة، أما عند المالكية فهي ستة وثلاثون ركعة، وبعدها يُصلي الشفع والوتر. ويمكن ان يُصلي إحدى عشر ركعة أو أقل أو أكثر؛ كلٌّ حسب قدرته. وقد حافظ السلف الصالح على هذه الصلاة في شهر رمضان المبارك من كل عام، وذلك لِما في القيام من فضلٍ كبير وخصوصاً في شهر رمضان ذي البركة الكبيرة والأجر العظيم، وكذلك من أجل قيام أعظم ليلة في السَّنة والتي لا توجد إلا في شهر رمضان المبارك وهي ليلة القدر، فالتعوُّد على صلاة التراويح في كل ليلة من ليالي رمضان؛ هو الاحسن وأفضل لأن ليلة القدر ستصدف في إحدى هذه الليالي، فيكون المُداوِم على صلاتها قد نال شرف وفضل قيامها، وتحصيل الأجر العظيم الذي وعد به الله عباده.