تحتفل معظم دول العالم في 21 من شهر آذار من كل عام بعيد الأمّ العالميّ ، نحتفل بصاحبة السمو ، ملكة بيتها ، متربعة عرش عائلتها . وكيف لا يخصّص يوم عيد للاحتفال بالأم ؟
إنّ القارئ لكتب التاريخ ، يلاحظ أهمّية المرأة ومكانتها منذ القِدم ، وخاصّة الأمّ التي تحظى باحترام متناهي عند الشعوب والحضارات القديمة وحتّى الآن ، إنّ أكثر الشعوب القديم قامت بتكريم الأمّ ضمن احتفالاتٍ وطقوسٍ خاصّة بهذه المناسبة ، فكان الإغريق يقومون بالاحتفال بالأمّ ويقدّمون احتفالهم هذا كهديّة للأم / الإله ( ريا ) ، وكان بالمقابل عند اليونانيين الإله الأم ( كوبيلي ) ، في حين نجد عند الرومان الأم ( هيليريا ) ، أمّا روما القديمة فكانت الأم ( سبيل ) هي التي تؤدّى طقوس العبادة لها .
وقد كرّس المسيحيّين في أوروبا يوم احتفال وتكريم مختص بشخص ( السيّدة العذراء ) والدة السيّد يسوع المسيح ، وعرف هذا اليوم بـ ( أحد الأمومة ) ، حيث يقام بالتطواف وهم حاملين مجسّماً لشخص السيدة العذراء ، يمرون بأغلب شوارع المدينة وهم مرنمين مرتلين الصلوات الخاصة بها ، ويضع أغلب العائلات ، منصّة يضعونها في بيوتهم وفيها بعض الصور والتماثيل وتضاء الشموع كنوع من التكريس والصلاة .
مما لا شكّ فيه أنّ في عصرنا الحالي ، كان لعيد الأم انطلاقة الأولى من أمريكا من قبّل سيدة تدعى ( آنا جارفيس ) ، حيث قامت ولأوّل مرّة باحتفال على الملأ عام 1908 كتكريم لأمّها ، لتكون هي السبّاقة بإنشاء هكذا عيد ، ولكنها قوبلت بالهجوم والاحتجاج والرفض من كثير من الجهات إذ اعتبروا عيدها هذا كنوع من الترويج لأعمالٍ تجاريّة كانت تختص بها كبيع الأزهار وبطاقات المعايدة ، ولكنّها لم تكترث للأمر وواظبت على الاحتفال بهذا العيد وجعلته تقليداً سنوياً ، الأمر الذي أدى إلى تطوّر هذا العيد وانتشاره في البلاد ، مما دعا الرئيس الأمريكي ويلسون إلى اعتبار عيد الأم هو عيد رسميّ في أمريكا ، وقد أقرّه أيضاً الكونجرس الأمريكي كعيد وطني تعيّد له البلاد .
وقد ظهر عيد الأم في الوطن العربي لأوّل مرّة في مصر ، حيث دعا إليه مؤسس وصاحب جريدة ( الأخبار المصريّة ) الصحفي علي أمين ، في مقالٍ كتبه مطالباً بأنه يجب أن يكون للأمّ عيداً قومياً تعيّد له البلاد ، حيث اقترح أنّ يكون هذا اليوم هو سنوي وفي الاعتدال الربيعي ، وكان ذلك .
يبقى عيد الأم من الأعياد التي ننتظرها بفارغ الصبر ، والتي لا تندرج تحت بند الأعياد الدينيّة ، وإنّتعرف ما هو عيد منفرد في طقسه وفي شعوره وفي أحاسيسه ، يجلب البهجة في قلوب الأولاد كما الأمهات ، عيد تغلب فيه الأحاسيس والمشاعر على الماديات ، عيد الأم هو عيد الأعياد ، فكيّف لا نحتفل به ؟