الشوق
هو إحساس يتملّك الشخص عند غياب أحبّته، ويبقى الشخص منتظراً الوصل منهم فتحيا روحه، ولا يزول هذا الشعور إلا بلقاء الأحبّة. في هذا المقال جميل ما قيل في الشوق.
اجمل وافضل ما قيل في الشوق
- الشّوق هو أن تنظر إلى مرآتك تتلمّس آثار أصابع حنونة جاست ذات يوم فوق ملامحك، وهدأت فوق وجنتيك.
- الشوق هو أن تُغطّي وجهك بيديك وتستنشق أنفاسك، فتسترجع منها ما تبقى من أنفاس حبيبك عالقاً فوق جدار رئتيك.
- الشوق هو أن تطلب رقم هاتف حبيبك، وتنصت بخشوع إلى رنينه، فترى المكان أمامك، وتشعر كأنك ذهبت إليه لتُكحّل بوجه حبيبك عينيك.
- الشوق هو أن تغمض عينيك، وتحيط ذاتك بذراعيك، وتدور حول نفسك مرّات ومرّات علّك تستعيد ذاك الشعور الدافئ، ذاك الإحساس الهادئ حين كان حبيبك يضمّك بين ذراعيه وتضمّه بين ذراعيك.
- الشوق هو ذاك الشعور العاقل المجنون الذي يدفعك لأن تجري إلى من تُحبّ لتقول له بأعلى صوتك: أنت لي، أنت لي رغم الحواجز، رغم القيود، رغم العالم كلّه، أنت لي، أنت لي.
- في الغياب تتّسع خارطة الشوق في جغرافية الروح، وتضيق مساحة العتاب والخصام؛ لأننا نعرف جيّداً طعم بكاء الأشياء التي يُخلّفها الغياب، ونرى كيف أن الحزن فيه يُصفّد أبواب الحلم.
- يكون الغياب أحياناً جمرة يتّقد بها الحب، وأحياناً يكون فرصة لأن يهدأ هذا الجمر المشتعل ثم ينطفئ ويترمّد، ليصبح مع الزمن مُجرّد ذكرى لحُبٍّ كان مُهيّأً أن يكون ناراً تُضيء القلب وتُشعل شموع الوجد.
- في البعد نكتشف أحياناً أنه لم يتغيّر شئ سوى أننا لم نعد نُحسّ بشيء، ولم تعد لدينا القدرة على الاستمتاع بأي شيء، حتى السفر الذي نحبّه نراه رحلة جديدة في درب الغربة والاغتراب.
- في الغياب نرى دوماً الشوق والحنين وجهين لعملة واحد، الشوق لتعرف ما هو آتٍ والحنين لما مضى، وكلاهما طعمة شديد المرارة والحموضة والملوحة.
- في الغياب يبقى القلب مُشرّعاً بيارق من خوف وأمل ورجاء وشوق، تنتظر من يأتي وربما لا يأتي.
قصائد في الشوق
من جميل القصائد التي قيلت في الشوق ما يأتي:
لأن الشوق معصيتي
فاروق جويدة
لا تذكري الأمس إني عشتُ أخفيه
إن يَغفر القلبَ جرحي من يداويه.
قلبي وعيناكِ والأيام بينهما
دربٌ طويلٌ تعبنا من مآسيه
إن يخفقِ القلب كيف العمر نرجعه
كل الذي مات فينا كيف نحييه
الشوق درب طويل عشت أسلكه
ثم انتهى الدرب وارتاحت أغانيه
جئنا إلى الدرب والأفراح تحملنا
واليوم عدنا بنهر الدمع نرثيه
مازلتُ أعرف أن الشوق معصيتي
والعشق والله ذنب لستُ أخفيه
قلبي الذي لم يزل طفلاً يعاتبني
كيف انقضى العيد وانقضت لياليه
يا فرحة لم تزل كالطيف تُسكرني
كيف انتهى الحلم بالأحزان والتيه
حتى إذا ما انقضى كالعيد سامرنا
عدنا إلى الحزن يدمينا ونُدميه
مازال ثوب المنى بالضوء يخدعني
قد يُصبح الكهل طفلاً في أمانيه
أشتاق في الليل عطراً منكِ يبعثني
ولتسألي العطر كيف البعد يشقيه
ولتسألي الليل هل نامت جوانحه
ما عاد يغفو ودمعي في مآقيه
يا فارس العشق هل في الحب مغفرة
حطمتَ صرح الهوى والآن تبكيه
الحب كالعمر يسري في جوانحنا
حتى إذا ما مضى لا شيء يبقيه
عاتبت قلبي كثيراً كيف تذكرها
وعُمرُكَ الغضّ بين اليأس تُلقيه
في كل يوم تُعيد الأمس في ملل
قد يبرأ الجرح والتذكار يحييه
إن تُرجعي العمر هذا القلب أعرفه
مازلتِ والله نبضاً حائراً فيه
أشتاق ذنبي ففي عينيكِ مغفرتي
يا ذنب عمري ويا أنقى لياليه
ماذا يفيد الأسى أدمنتُ معصيتي
لا الصفح يجدي ولا الغفران أبغيه
إني أرى العمر في عينيكِ مغفرة
قد ضل قلبي فقولي كيف أهديه.
الشوق
حكيم الصباح
الشوق أضرم خافق الكلمِ
فذوى فؤاد الشعر بالألمِ
البعد زاد الحزن في كبدي
وغيابكم أدى إلى عدمي
فَقلوبنا اشتدّت مواجعها
ومراكب الأشواق كالحممِ
أو هكذا تنسون عشرتنا؟
فَيعود لحن الحزن في قلمي
لولاكمُ ما قد سرى أبداً
حرفي و لا غنت هنا نظمي
وتقول إن الحبّ يجمعنا
دوماً ولا أنساكِ ذا قسمي
أين الوعود البيض أينكمُ؟
يا منية الأحلام يا نغمي
يا من هواكمُ خالدٌ بدمي
ما كان ذلك فيكمُ عشمي
يا ليتني ألقاكمُ حُلمً
أو كالندى تطفونَ ذي حِمَمَي.
ما الشّوْقُ مُقتَنِعاً منّي بذا الكَمَدِ
المتنبّي
ما الشّوْقُ مُقتَنِعاً منّي بذا الكَمَدِ
حتى أكونَ بِلا قَلْبٍ ولا كَبِدِ
ولا الدّيارُ التي كانَ الحَبيبُ بهَا
تَشْكُو إليّ ولا أشكُو إلى أحَدِ
ما زالَ كُلّ هَزيمِ الوَدْقِ يُنحِلُها
والسّقمُ يُنحِلُني حتى حكتْ جسدي
وكلّما فاضَ دمعي غاض مُصْطَبري
كأنْ ما سالَ من جَفنيّ من جَلَدي
فأينَ من زَفَرَاتي مَنْ كَلِفْتُ بهِ
وأينَ منكَ ابنَ يحيَى صَوْلَةُ الأسَدِ
لمّا وزَنْتُ بكَ الدّنْيا فَمِلْتَ بهَا
وبالوَرَى قَلّ عِندي كثرَةُ العَدَدِ
ما دارَ في خَلَدِ الأيّام لي فَرَحٌ
أبا عُبادَةَ حتى دُرْتَ في خَلَدي
مَلْكٌ إذا امْتَلأتْ مَالاً خَزائِنُهُ
أذاقَهَا طَعْمَ ثُكْلِ الأمّ للوَلَدِ
ماضي الجَنانِ يُريهِ الحَزْمُ قَبلَ غَدٍ
بقَلبِهِ ما تَرَى عَيناهُ بَعْدَ غَدِ
ما ذا البَهاءُ ولا ذا النّورُ من بَشَرٍ
ولا السّماحُ الذي فيهِ سَماحُ يَدِ
أيّ الأكُفّ تُباري الغَيثَ ما اتّفَقَا
حتى إذا افْتَرَقَا عادَتْ ولمْ يَعُدِ
قد كنتُ أحْسَبُ أنّ المجدَ من مُضَرٍ
حتى تَبَحْتَرَ فَهوَ اليومَ مِن أُدَدِ
قَوْمٌ إذا أمْطَرَتْ مَوْتاً سُيُوفُهُمُ
حَسِبْتَها سُحُباً جادَتْ على بَلَدِ
لم أُجْرِ غايَةَ فكري منكَ في صِفَةٍ
إلاّ وَجَدْتُ مَداها غايةَ الأبدِ.
أَبَى الشَّوقِ إلاَّ أَن يَحِنَّ ضَميرُ
محمود سامي البارودي
أَبَى الشَّوقِ إلاَّ أَن يَحِنَّ ضَميرُ
وكُلُّ مَشوقٍ بالحَنينِ جَديرُ
وَهَلْ يَسْتَطِيعُ الْمَرْءُ كِتْمانَ لَوْعَةٍ
يَنِمُّ عَلَيْهَا مَدْمَعٌ وَزَفِيرُ؟
خَضَعْتُ لأَحْكَامِ الْهَوَى، وَلَطَالَمَا
أَبَيْتُ فَلَمْ يَحْكُمْ عَليَّ أَمِيرُ
أفُلُّ شباة َ اللَّيثِ وهوَ مُناجِزٌ
وأرهبُ لَحظَ الرِئمِ وَهوَ غَريرُ
وَيَجْزَعُ قَلْبي لِلصُّدُودِ، وَإِنَّنِي
لَدى البأسِ إن طاشَ الكَمِى صَبورُ
وَمَا كُلُّ مَنْ خَافَ الْعُيُونَ يَرَاعَة ٌ
وَلا كُلُّ مَنْ خَاضَ الْحُتُوفَ جَسُورُ
وَلكِن لأَحكامِ الهَوى جبَريَّة ٌ
تَبوخُ لَها الأنفاسُ وَهى تَفورُ
وإنِّى على ما كانَ مِن سَرَفِ الهَوى
لَذُو تُدْرَإٍ في النَّائِباتِ مُغِيرُ
يُرافِقُنى عِندَ الخُطوبِ إذا عَرَت
جَوادٌ، وسَيفٌ صارِمٌ، وجَفيرُ
وَيَصْحَبُنِي يَوْمَ الْخَلاَعَةِ وَالصِّبَا
نَديمٌ، وكَأسٌ رَيَّةٌ، ومُديرُ
فَطَوْراً لِفُرْسَانِ الصَّبَاحِ مُطَارِدٌ
وَطَوْراً لإِخْوَانِ الصَّفَاءِ سَمِيرُ
وَيَا رُبَّ حَيٍّ قَدْ صَبَحْتُ بِغارَةٍ
تَكادُ لَها شُمُّ الجِبالِ تَمورُ
وَلَيْلٍ جَمَعْتُ اللَّهْوَ فِيهِ بِغادَةٍ
لَها نَظرةٌ تُسدِى الهَوى وتُنيرُ
عَقَلْنَا بِهِ مَا نَدَّ مِنْ كُلِّ صَبْوَةٍ
وَطِرنا مَعَ اللّذَاتِ حَيثُ تَطيرُ
وَقُلنا لِساقينا أَدِرهَا، فإنَّما
بَقاءُ الفتى بَعدَ الشَبابِ يَسيرُ
فَطافَ بِها شَمسيَّة ً ذَهبيَّة ً
لَهَا عِنْدَ أَلْبَابِ الرِجالِ ثُئُورُ
إذا ما شرِبناها أَقمنا مكانَنا
وَظَلَّتْ بِنَا الأَرْضُ الْفَضَاءُ تَدُورُ
إِلى أَنْ أَمَاطَ اللَّيْلُ ثِنْيَ لِثَامِهِ
وكادَت أساريرُ الصَباحِ تُنيرُ
ونَبَّهَنا وَقعُ النَدى فى خَميلةٍ
لَها مِن نُجومِ الأقحوانِ ثُغورُ
تَناغَت بِها الأطيارُ حِينَ بَدا لَها
مِنَ الْفَجْرِ خَيْطٌ كالْحُسامِ طَرِيرُ
فَهُنَّ إلى ضَوءِ الصَباحِ نَواظِرٌ
وعَن سُدفَة ِ اللَّيل المجَنَّحِ زورُ
خَوَارِجُ مِنْ أَيْكٍ، دَوَاخِلُ غَيْرِهِ
زَهاهُنَّ ظِلٌّ سابِغٌ وَغديرُ
تَوَسَّدُ هَامَاتٌ لَهُنَّ وَسَائِداً
مِن الرِّيشِ فيهِ طائِلٌ وَشَكِيرُ
كَأنَّ عَلى أعطافِها مِن حَبيكها
تمائمَ لَم تُعقَد لَهُنَّ سُيورُ
إذا ضاحَكتها الشَّمسُ رَفَت، كَأنَّما
عَلى صَفحتيها سُندُسٌ وَحريرُ
فَلمَّا رأيتُ اللَّيلَ وَلَّى، وأقبَلَت
طَلائِعُ مِنْ خَيْلِ الصَّبَاحِ تُغِيرُ
ذَهَبْتُ أَجُرُّ الذَّيْلَ تِيهاً، وإِنَّمَا
يَتِيهُ الْفَتَى إِنْ عَفَّ وَهْوَ قَدِيرُ
وَلِي شِيمَة ٌ تَأْبَى الدَّنَايَا، وَعَزْمَةٌ
تَفُلُّ شَباةَ الْخَطْبِ وَهْوَ عَسِيرُ
مُعوَّدة ألاَّ تكُفَّ عِنانَها
عَنِ الجِدِّ إلاَّ أن تَتِمَّ أُمورُ
لَها مِن وَراءِ الغَيبِ أذنٌ سَميعَةٌ
وعينٌ تَرى ما لا يراهُ بَصيرُ
وإنِّى امرؤٌ صَعبُ الشَّكيمَةِ بالِغٌ
بِنَفسى شَأواً ليسَ فِيهِ نَكيرُ
وَفيتُ بِما ظَنَّ الكِرامُ فِراسَةً
بِأَمْرِي، وَمِثْلِي بِالْوَفاءِ جَدِيرُ
فما أنا عَمَّا يُكسِبُ العِزَّ ناكِبٌ
وَلا عِنْدَ وَقْعِ الْمُحْفِظَاتِ حَسِيرُ
إذا صُلتُ كَفَّ الدَّهرُ مِن غُلوائهِ
وإن قُلتُ غَصَّت بِالقلوبِ صُدورُ
مَلَكْتُ مَقَالِيدَ الْكَلامِ، وَحِكْمَةً
لَهَا كَوْكَبٌ فَخْمُ الضِّيَاءِ مُنِيرُ
فَلَوْ كُنْتُ في عَصْرِ الْكَلامِ الَّذِي انْقَضَى
لَبَاءَ بِفَضْلِي «جَرْوَلٌ» و«جَرِيرُ»
ولَو كُنتُ أدركتُ النُّواسِيّ لم يَقُل
أَجَارَة َ بَيْتَيْنَا أَبُوكِ غَيُورُ
وَمَا ضَرَّنِي أَنِّي تَأَخَّرْتُ عَنْهُمُ
وَفَضلِى َ بينَ العالمينَ شَهيرُ
فَيَا رُبَّمَا أَخْلَى مِنَ السَّبْقِ أَوَّلٌ
وَبَدَّ الجِيادَ السابِقاتِ أَخيرُ.