خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان فأبدع. وقد كان الجسم البشريّ من دلائل إعجازه سبحانه وربانيّته، يقول تعالى في كتابه العزيز: "لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ" (التين: 4).
يتكوّن جسم الإنسان من عدّة أجهزة، يقوم كلّ منهم بوظائفه حسب نظام معيّّن بديع. وأجهزة جسم الإنسان هي: الجهاز الدّوري لضخّ الدّم، والجهاز الهضمي لمعالجة الغذاء، والجهاز العضلي للتحكّم بالعضلات، والجهاز المناعي، وجهاز الغدد الصمّاء، والجهاز العصبيّ، والجهاز التناسلي، والجهاز الإخراجي، والهيكل العظمي، وأخيراً وهو موضوع الحديث هنا الجهاز التّنفسي.
الجهاز التّنفسي هو الجهاز المسؤول عن تزويد خلايا الجسم بالأكسجين وهو ضروري لأنشطة الجسم، وكذلك فإنّه يخلّصها من ثاني أكسيد الكربون. فبواسطة عمليّة التّنفس يحصل الجسم على الأكسجين، حيث أنّ المهمة الأساسية لهذا الجهاز تقوم على تهيئة اللقاء بين الدّم والهواء، فيقوم الدّم بأخذ الأكسجين من الهواء ويطرد ثاني أكسيد الكربون. حيث أنّ الجهاز التنفسي في الجسم قادر على سحب الهواء إلى داخل الجسم وإخراجه منه، فهو يتكوّن من أنابيب متفرّعة دقيقة، وتحتوي هذه التفريعات على حجرات صغيرة جداً يتم فيها تبادل الغازات في جدرانها، ويطلق على هذه العمليّة في الجسم عمليّة "الشهيق والزفير".
يتكوّن الجهاز التّنفسي من أربعة أجزاء، وهي:
1. الأنف: يكون في مقدمة الوجه، وهو الجزء الخارجي من الجهاز. يتكوّن من غشاء مخاطيّ مهدّب يرطّب الهواء ويسخّنه وينّقيه، ومن هيكل عظمي مغطّى بالجلد، ويغطّي سطحه مادّة مخاطيّة وشعيرات وشعر صغير لتحمي الأنف من الأشياء الغريبة من الدّخول إليها.
2. البلعوم والحنجرة: البلعوم هو الممر الذي يمرّ الهواء منه ليصل إلى القصبة الهوائيّة، حيث يمرّ الهواء من البلعوم خلال فتحة المزمار ثمّ إلى الحنجرة. أمّا الحنجرة فهي عضو الصّوت، وهي تفتح من خلال فتحة المزمار وتغلق بلسان المزمار.
3. القصبة الهوائيّة: هي عبارة عن شجرة من الأنابيب المقلوبة، ومن عدّة غضاريف تغطّي الجزء الأمامي منها، أما الجزء الخلفي يتكوّن من عضلات. وهي تسمح بمرور الهواء.
4. الرئتان: هما عضوان إسفنجيان مرنان، فيهما شجرة قصيبية. تتواجد الرئتان في الفراغ الصدريّ داخل حجرة مكوّنة من الأضلاع والقص والعمود الفقري والحجاب الحاجز.
تبلغ كميّة الهواء الذي يدخل للرئتين من عمليّة الشهيق نصف لتر، بينما تبلغ كميّة الهواء الداخل والخارج معاً ستة لترات تقريباً. أمّا عدد مرات التنّفس عند الإنسان البالغ تتراوح بين 12 إلى 16 مرّة في الدقيقة في مرحلة السّكون. وتختلف كميّة الهواء باختلاف الجنس بين ذكر وأنثى، وتختلف أيضاً باختلاف الجهد العضليّ المبذول، ويستطيع الإنسان أن يعيش برئة واحدة فقط إذا كانت الرئة المتبقيّة سليمة.
قد يصاب الجهاز التّنفسي لجسم الإنسان بعدّة أمراض خطيرة، من أخطرها مرض "السلّ" وهي عبارة عن جرثومة تهاجم الرّئتين وتسبّب أذى فيها ولبقيّة أجزاء الجسم. كما قد يصاب الجهاز بمرض "الرّبو"، حيث أنّ الرئتين تصابان بضيق في مجاري الهواء، ممّا يصعّب عمليّة التّنفس. كذلك مرض السّعال الدّيكي من أخطر أمراض الجهاز التّنفسي، وأيضاً الإلتهابات الرئويّة الحادّة، وسرطانات الرّئة.