يفتقر الكائن الحي إلى الغذاء لينمو أولا، ثم ليبقى على قيد الحياة عقب اكتمال نموه، حيث أن الغذاء حين يدخل جسم الكائن الحي المكتمل النمو لا يزيد الجسم على أن يذهب بالقديم ليُحل محله الجديد، فهي صيرورة هدم وبناء لا ينقطعان، فيخرج ما انهدم من جسم الكائن الحي، ويخرج أيضا ما جاء مع الغذاء الجديد مما لا فائدة ترجى منه، وبين هذا وذاك تتوسط أغذية تأتي إلى الجسم لا تمكث إلا قدرا يسيرا لتؤدي أدواراً لا غنى للأحياء عنها ثم سرعان ما تخرج من الجسم مع ما يخرج منه.
هذه الأغذية التي تمر بالكائن الحي مرور الكرام هي "الفيتامينات"، وهي مركبات عضوية ضرورية لجملة من التفاعلات الرئيسية الحادثة في الخلايا الحية، وعلى رأس هذه التفاعلات تلك التي تُخرٍج من الغذاء طاقة، فإذا عرفت ذلك، أدركت أنه لا طاقة للكائن الحي بلا فيتامينات. ومن تلك التفاعلات المتوقفة على وجود الفيتامينات تفاعلات بناء وتجديد الأنسجة العضوية، فما من أحد في يوم الناس هذا ينكر فضل "فيتامين د" على تشكل أنسجةالعظام مثلا.
ولقد أجمع علماء هذا العصر على وجود 13 فيتامينا، ثم عمدوا إلى تصنيفها إلى صنفين رئيسيين بحسب الوسط التي تذوب فيه، فهي إما فيتامينات تذوب في الماء أو فيتامينات تذوب في الدهون، ثم تواطؤوا على الإشارة إلى كل فيتامين بحرف، فهي فيتامين أ ثم ب ثم ج ثم د ثم هـ، أماالفيتامينات الثمانية الباقية فتندرج تحت فيتامين ب، ومن أشهرها فيتامين ب12، وهو الذي إذا نسيته نسيت كثيرا من شؤون دنياك معه! لما له من أهمية وفائدة بالغة على الذاكرة.
والفيتامينات كما أشرنا آنفاً، لا تلبث في الجسم إلا قليلا، ولا سبيل إلى ادخارها في الجسم كما تُدَّخر الدهون والبروتينات مثلا، وذلك مَرَده إلى أنها مركبات ذائبة إما في الماء أو في الدهون، ولذا يتوجب على المرء التًّزَوُّد منها دوما في شتى أنواع الطعام ولا سيما الفاكهة.