الحياة الزوجية والأسرية هي سر بناء وتكوين المجتمع وهي حجر الأساس في بناء وتأسيس المجتمعات الإسلامية والمجتمعات المتطورة والمتحضرة بشكل عام. والله سبحانه وتعالى عندما قال في كتابة الكريم (الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها ليسكن اليها) وفي اية أخرى (وجعل بينكم مودة ورحمة) فهو سبحانة خلق الذكر والأنثى وجعلهم يتزاوجون لتكوين أسرة تنجب وتنتج جيل صالح لأعمار الأرض. والهدف من الخلق كما بيٌن تعالى في كتابة العزيز هو عبادة الله وأعمار الأرض . ولما كان للأسرة من دور مهم وأساسي في تكوين المجتمع كان لا بد من بناء هذه الأسرة على أسس متينة تقوم على الأحترام والتقدير والتآلف والمحبة والتفاهم والتعاون في شتى مجالات الحياة.
وهذه الأمور لا يمكن أن تتحقق الا إذا وجد التفاهم بين الزوجين، وعرف الطرفان أن الأسرة تمثل سفينة ولا يصح أن يكون لها سوى قبطان واحد، وفي هذا فقد بين الله سبحانه وتعالى الفضل في ذلك للرجال وجعل لهم حق القوامة وعليهم العديد من الواجبات، فقد قال سبحانه (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم). وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم واجبات وحقوق كل فرد في الأسرة. وعندما يلتزم كل شخص بتأدية واجباته ويأخذ ما له من حقوق تستقيم الأمور وتكون الأسرة مثالية ونموذج لما أراده الله تعالى في الأسر أن تكون عليه.
ولكن ومع وجود مؤثرات خارجية كثيرة كالتلفاز وما يحوية من برامج ومسلسلات من ثقافات مختلفة وما تحمله هذه الأفلام والمسلسلات من أفكار وما يتم بثه في عقول الشباب والبنات المقبلين على الزواج، أو حتى في سن أصغر من ذلك. وما يتكون لديهم من أفكار عن الزواج ومفهوم وتعريف ومعنى الأسرة وما يريده كل طرف من الطرف الأخر أو ما يتوقعه أن صح التعبير، وبعد الإصطدام بالواقع العملي هنا تبدأ المشاكل وعيوب ويكون الخلط بين الحلم والصورة الجميلة المتكونة من الأفلام والمسلسلات وبين الواقع الفعلي الذي تفرضه الحياة بكل صعوباتها على هذه الأسرة. الزوج يحلم دائما أن يكون السيد المطاع والذي يجد في زوجته كل ما يتمناه ومالا يتمناه.
وكذلك المرأة تحلم بفارس أحلامها على حصان ابيض يجعلها أميرة ويسكنها القصور وتكون سيدة على كل نظيراتها ومميزة لمجرد أنها هي. والواقع يختلف تماما ويكون غالبا معاكس لمعظم التوقعات، ومن هنا تبدأ المشاكل وعيوب حيث البيئة التي حضر منها كل زوج مختلفة وكذلك هي العادات وكذلك النشأ وكذلك طريقة التربية والثقافة وأمور كثيره، حتى لوكان الزوجين يعيشون في نفس البيئة إلا أنّ الأختلاف في بعض الأمور لابد أن يحصل.
وهنا لا بد من العودة للدين الحنيف ليعرف كل زوج ما له وما عليه، فللزوج مثلا السمع والطاعة فيما لا يتنافى مع الدين وفيتعرف ما هو في مقدرة الزوجة واستطاعتها، حيث أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وفي قول الرسول عليه السلام تلخيص لتعرف ما هو مطلوب من الزوجة حين قال: - بما معنى الحديث- ( لو كنت آمراً أحد بالسجود لأحد لأمرت الزوجة بالسجود لزوجها) - أو كما قال عليه الصلاة والسلام. أي أن فضل الزوج على الزوجة كبير ومطلوب منها أن تراعيه في كل شأنه حيث قال ايضاً عليه السلام (ما استفاد الرجل بعد تقوى الله الا من امرأة صالحة اذا أمرها اطاعته واذا نظر اليها أسرته واذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله و ولده) -أو كما قال عليه السلام-.أي طاعة الزوجة لزوجها واجبة في حدود المعقول.
هذا باب واجبات الزوجة أما حقوقها فهي كثيرة أيضاً ومنها:
يجب على الزوج أن يحترمها ولا يهينها أو يضربها وأن يوفر لها معيشتها كما كانت في بيت أهلها حسب استطاعته ولا يطلب منها العمل خارج المنزل الا اذا رغبت هي في ذلك، لأن هذا من مسؤوليات الزوج، كما ويجب عليه أن ينفق عليها حسب مقدرته فإن كان غني وجب عليه أن لا يقتر أو يبخل عليها.كما لا يجوز أجبارها أن تقوم بأعمال اضافية خارج مسؤولياتها كزوجة كخدمة أهله مثلاً ( رغما عنها).
وقد أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم بالرفق بالنساء حين قال (رفقا بالقوارير). وقال ايضاً ( ما أكرمهن الا كريم وما أهانهن الا لئيم).فللزوجة حقوق كما عليها واجبات وأن كانت غنية مثلاً فمن حقوقها أن ينفق عليها زوجها وأن تدخر هي مالها مثلاً.ولا يجوز له أن يأخذ من مالها شيئاً رغماً عنها.الله سبجانه وتعالى عدل ولا يقبل بالظلم، ولو علم كل زوج ما له من حقوق وما عليه من واجبات لأستقامت الحياة. فعلاقة الزوج بزوجته تحكمها عدة أمورها أولها أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ومنها الأحترام المتبادل والتفاهم وتقديم التنازلات والعلم بمقدرة الطرف المقابل فليس من العدل تحميل وتنزيل الطرف الأخر فوق طاقته، اذ أن الله تعالى يقول ( لا يكلف الله نفساً ألا وسعها).فطاعة الزوجة لزوجها يحكمها الدين ويوضحها ولا طاعة مطلقة لأحد على أحد سوى طاعة العبد لله.