يظنّ بعض الرّجال أنّ حسن التّعامل والعشرة مع الزّوجة هو نوعٌ من أنواع التّنازل والخضوع، كما يعتبر بعض الرّجال مساعدة زوجته على أداء واجبات البيت ومسؤوليّاته تمتهن من كرامته وتجعله ناقص الرّجولة، ولم ينظر هؤلاء الجهلاء إلى خلق من هو احسن وأفضل منّا جميعاً وهو النّبي محمّد صلّى الله عليه وسلّم حين كان يعامل زوجاته أحسن معاملة، وقد سئلت السّيدة عائشة رضي الله عنها يوماً عن خلق النّبي صلّى الله عليه وسلّم وماذا كان يصنع في بيته، فقالت يكون في مهنة أهله - وهي ما جرت عليه العادة من مسؤوليّات البيت -، ثمّ إذا حضرت الصّلاة خرج، فما بال كثيرٍ من رجالنا يتكبّر عن عمل ما لم يتكبّر على فعله سيّد الخلق عليه الصّلاة والسّلام، فعلى الرّجل أن يعلم بأنّ ليس في مساعدته لزوجته امتهانٌ لكرامته بل تعزيزٌ لها، كما أنّ الصّبر على الزّوجة وما يصدر منها من لحظات عصبيّةٍ هي ممّا يحمد عليه الزّوج، ويتساءل كثيرٌ من الرّجال عن الحدّ الفاصل بين الحقّ والباطل في هذه المسألة وكيف يمّيز الإنسان بين الشّيء الذي يمتهن كرامته والشّيء الذي لا يؤثّر عليها، فنقول له إنّ عليك مراعاة ما يلي في تعاملك مع زوجتك:
- أن يعلم الرّجل أنّ هناك أمورٌ يشترك في التّعرض لها كثيرٌ من الرّجال، فمعظم الرّجال يتقبّلون أن ترفع زوجاتهنّ صوتها في لحظات العصبيّة انطلاقاً من مبدأ حسن العشرة، وقد رويت قصّةٌ عن أحد الرّجال الذي جاء يشكي لسيّدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كيف ترفع زوجته صوتها عليه، وحين همّ بطرق ووسائل باب سيّدنا عمر سمع صوت زوجة عمر من داخل البيت، فولى مدبراً، فخرج سيّدنا عمر ونادى الرّجل وسأله عن طلبه وحاجته، فقال له يا أمير المؤمنين جئتك أشكو ممّا أعانيه فوجدت حالك مثل حالي، فقال له سيّدنا عمر مجلّياً الصّورة أمامه بأنّ لزوجته حقّاً عليه بما تعمله من أعمال حيث تعتني ببيته وبطعامه وتغسل ثيابه وغير ذلك.
- وإنّ احترام الزّوجة وحفظ كرامتها أمام النّاس ممّا يشجّعها على التّعامل بالمثل مع زوجها، وكذلك على المرأة مراعاة حفظ هيبة زوجها وكرامته، وخاصّةً أمام النّاس، لأنّ الخلاف أمام النّاس ممّا يمتهن كرامة الرّجل وينتقص منها.